بسم الله الرحمان الرحيم
مخاطر الغلو في استخدام شعار "السلفية"
الحمد لله وكفى و الصلاة و السلام على النبي المصطفى؛وبعد.......
إن الاسم المحمود متى استعمل للتفريق، أو أدى إلى الصراع بين المسلمين يصبح من دعوة الجاهلية، روى أبو داود من حديث محمد بن إسحاق عن داود بن الحصين عن عبد الرحمن ابن أبي عقبة عن أبي عقبة، وكان مولى من أهل فارس أنه قال:" شهدت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم أحد فضربت رجلا من المشركين فقلت: خذها مني و أنا الغلام الفارسي، فالتفت إلي رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال:" هلا قلت: خذها مني و أنا الغلام الأنصاري؟"[1]
فهذا الصحابي حضه النبي صلى الله عليه و سلم على الانتساب إلى الأنصار، و إن كان بالولاء مع انه انتسب نسبة حق ليست محرمة، وهي كونه من أهل فارس.
ومع ذلك نقول:الانتساب إلى الاسم الشرعي يجب أن لا يكون سببا لمحنة الأمة و تفريقها، فإن الأمر المحمود إذا أفضى إلى مفسدة نهي عنه، روى الإمام مسلم من حديث أبي الزبير عن جابر ـ رضي الله عنه، أنه قال:" اقتتل غلامان، غلام من المهاجرين و غلام من الأنصار، فنادى المهاجري: يا للمهاجرين، و نادى الأنصاري: يا للأنصار، فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال:" ما هذا؟ ، أدعوى الجاهلية ؟"، قالوا: لا يا رسول الله، إلا أن غلامين اقتتلا فكسع أحدهما الآخر، فقال:" لا بأس لينصر الرجل أخاه ظالما أو مظلوما، إن كان ظالما فلينهه فإنه له نصر، و إن كان مظلوما فلينصره".
فتبين أن الانتساب إلى المهاجرين و الأنصار الذين هم سلف الأمة انتساب محمود، وتداع إلى ما أمرنا شرعا بإتباعهم، مالم يفض إلى دعوى جاهلية و امتحان الآمة وتفريقها على مفاسد عظيمة.نقلا عن رسالتي"حكم الانتساب".
يكثر بعض الناس من استعمال شعار السلفية بكثافة في كل صغيرة و كبيرة، فلا يخلو لهم كلام أو بحث أو رسالة من هذا الشعار، بمناسبة أو بغير مناسبة ،حتى في الخلافات الأكاديمية الدقيقة لا يتوانون عن استخدامه لإضفاء المصداقية و الأحقية عليها.
ومعلوم أن الشعار الديني يأخذ كل بعده العملي في العقل و النفس لما يتمتع به من سلطة معنوية خاصة عند عوام الناس، فإن لم يترجم مدلوله عمليا أولم نجيد استعماله، كإخراجه عن إطاره من خلال تغطية الخطاب المفرط في التشدد و التصلب، و المناهج البدعية في الجرح و التعديل بهالة من التبجيل و التمجيد بهذا الشعار الديني، و مجاملة الذات به كـ "السلفية" و" أهل السنة" و" أهل الحق" و "الطائفة المنصورة" و "الفرقة الناجية" فسيتحول إلى الهوة التي سيجد فيها كل فكر أو دعوة تبحث عن الانتشار حتفها، لأننا سنولد نزاعا حول هذه الشعارات داخليا و خارجيا أي داخل الجماعة الواحدة ،وعلى مستوى الملة، قد يولد جماعات كثيرة تتنازع وتتجاذب هذه الشعارات و الرموز، وهذا ما حصل بالضبط بحيث صارت السلفية سلفيات ،وكل فرقة تدعي أن الآخرين "أدعياء السلفية" فحتى ما سمي بـــ" السلفية العلمية" أصبحت سلفيات،وهكذا علامة الباطل التفرق و الاختلاف بل و التناحر.
فهذه الشعارات تصبح متهاوية وساقطة، و غير مؤثرة بحكم الممارسات الخاطئة ،كالتلاعب بها في تصفية النزاعات الشخصية بين أهل العلم ،بأن نجعلها بديلا عن الحجج و البراهين، فنأتي الخلاف الموروث من زمن السلف الصالح أي الخلاف السائغ، و نحاول فضه بالشعار: أنا سلفي،وهذا مضيع، مميع.
أو التشدق بها، في حين أننا لا نعمل عمل السلف الصالح، ولا نشبههم لا في سلوك، ولا في ترتيب الأوليات، أو التلويح بها كسلاح يستعمل لإقصاء المخالف ،أو التهديد بها كما هو واقع و مشاهد في الساحة العلمية.
وعليه، فالإكثار من استخدام هذه الشعارات، والغلو في مدلولاتها يبين مدى ما استغل بعض المسلمين هذه الشعارات الدينية لأهداف غير شرعية،كالترؤس على الناس بغير وجه حق، و الحصول على بعض المزايا، حتى أصبحت عند بعض الأفراد ونتيجة لممارستهم المتعارضة مع مدلولاتها مجرد قوالب لغوية فارغة من المعاني ،لأن من عرف الحق رحم الخلق هذا إن عرفه بحق، و أما إذا لم تظهر الرحمة في علمه وكلامه و أفعاله، بل ظهر عليه التشدد و التصلب و الغلو في الذم و تصيد المثالب، فهذا يدلك على أنه لم يعرف الحق المعرفة الواجبة، قال ابن تيمية في "شرح الأصفهانية :" فإن من عرف حقائق أقوال الناس وطرقهم التي دعتهم إلى تلك الأقوال حصل له العلم والرحمة فعلم الحق ورحم الخلق، وكان مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وهذه خاصة أهل السنة المتبعين للرسول صلى الله عليه وسلم فإنهم يتبعون الحق ويرحمون من خالفهم باجتهاده حيث عذره الله ورسوله، وأهل البدع يبتدعون بدعة باطلة ويكفرون من خالفهم فيها".
إن الإفراط الذي يظهره بعض الناس في استخدام هذه الشعارات، و تزيين كلامهم بها قادهم حتما إلى التظاهر على أنهم الممثلين الصادقين و الوحيدين لأهل السنة و الجماعة، و بالتالي احتكار الكلام باسم الله ورسوله،لذلك لا تتجاوز مهمتهم العلمية إطار مراقبة غيرهم، والانقضاض عليهم نقدا ونقضا وتجريحا متى اصطادوا ما يعتقدون انه خطأ في العلم أو المنهج،وهم بهذا لا ينتجون اية معرفة حقيقية ،و إنما يراقبون من ينتج المعرفة عن طريق الاجتهاد و الدراسة،
و هذا الشعور الزائف لدى هذه الفئة من السلفيين، و النابع من الارتكاز على الشعار الديني بدلا من الدليل العلمي، ولد لديهم عقدة التفوق و التعالي، و التي هي في الحقيقة عقدة نقص أمام كل خطاب علمي دقيق و نزيه ،لأن الفوقية العلمية من المفروض بها أن تدفعه إلى الانغماس في المجتمع في جميع مجالاته مادام يملك الحقيقة، ولكنه بخلاف ذلك انزوى على نفسه و تقوقع،واتخذ مجموعة تدابير ليحمي نفسه من مؤثرات الخارجية ،دون أن يعمل على إضعاف هذه المؤثرات أو تغيير واقعها.
كذلك ساهمت هذه الشعارات التي يتزين بها هؤلاء في تشتيت أهل السنة و الجماعة، و ضياع طاقاتهم العلمية و العملية في تجاذبها، ،وعندما تحولت إلى عقدة فوقية تكمن في نفوس هؤلاء أكسبتهم الجرأة والتهور للهجوم الشرس و العدواني على كل روافد أهل السنة و الجماعة، و قذعهم بأوصاف شتى، حتى أئمة الإسلام و أعلامه لم يسلموا منها، مما يدل على أن هذه الفئة تريد احتكار هذه الشعارات لصالحها، في حين هي ملك لكل المسلمين ،لا يقوم الإشكال في التغني بها بل في تقمص معانيها في الواقع.
وعندما أقول: كل روافد أهل السنة فأعني أن عقيدة أهل السنة و الجماعة في مسألة "الأسماء و الأحكام" مبنية على أن المسلمين يتفاضلون في كل شيء: في التصديق، في إيمان القلب: قول القلب و عمل القلب، يتفاضلون في التعظيم، في الخشية ، في اليقين، في المعرفة، و كل اعتقاد يعم القلب وكل قول يعم العقل يتفاضل فيه المسلمون، فلزم حتما وضرورة أنهم يتفاضلون في حب السنة، في الدعوة إلى السنة ، في فهم السنة ، ولذلك كانت أصول الانتماء إلى أهل السنة هي القول بالكتاب و السنة و الإجماع، فمن قال بهذه الأصول فهو من أهل السنة و الجماعة،ثم يتفاضل في العلم بالسنة فمنهم من يعرف السنة جملة و تفصيلا، ويتلقاها في الاعتقاد و الأحكام، ومنهم من يتلقاها في الأحكام، وفي العقائد يتلقى بعضها، و بعضها الآخر يتلقاه من غير هذه المصادر: الكتاب و السنة و الإجماع، أو ما يسمى الدليل العقلي.
وعليه فخطاب أهل السنة و الجماعة الحقيقي خطاب له مستويات، فعندما آتي إلى مسألة من مسائل الصفات و أجد بعض من يقول بأصول أهل السنة و الجماعة يتلقى معتقده من غير هذه الأصول فقوله بلا شك بدعة، ولكن هل هو مجتهد أخطا الأصول أو تلقى قواعد عقلية بدعية ظنها صحيحة ثم لما طردها ابتعد عن معتقد أهل السنة و الجماعة في الصفات ،فهذا مستوى.
ولكن عندما آتي إلى أصوله العملية أقصد الفقه و أصوله السياسية كمبحث الإمامة فهو بلا شك من أهل السنة و الجماعة فهاهنا مستوى آخر للخطاب ،و لذلك نجد بعض الأئمة الأشاعرة قد أجادوا في الرد على المعتزلة و الشيعة و الفلاسفة و النصارى ،فأحيانا يردون عليهم بحق و أحيانا يردون بدعة ببدعة أخرى، و لكن هم اقرب إلى الحق، و بدعتهم أخف .
هذا فضلا عمن هو من أهل السنة و الجماعة اعتقادا و طريقة في التعامل مع النصوص، أخرجه أهل الغلو من السلفيين منها لأسباب يعلمها الجميع.
و عليه فمراعاة مستويات الخطاب يدل على فهم تاريخ التشريع ، و تاريخ نشوء الفرق و تطورها ، و تاريخ تطور الفكر العقدي عند المسلمين ، و التمييز بين من كانت أصوله سنية انحرف عنها في مرحلة من مراحل التلقي ، و بين من كانت أصوله بدعية ،فإن السنة مبناها على العلم و الاعتدال و الاقتصاد.فمن كان سنيا ولم يكن عادلا مع الفرق الأخرى فهو مبتدع باغ عليهم، ومن كان عادلا معهم غير منطلق من أصول أهل السنة فهو كذلك مبتدع.
فالتقصير في السنة بدعة ، و الغلو في السنة بدعة ، فالتقصير دون ما قررته السنة بدعة، و الزيادة على ما قررته السنة بدعة ، و السنة الحقة العلم بالسنة و الاقتصاد فيها و الاعتدال مع المخالف.
ولا أريد أن أطيل الوقوف عند هذه المسألة التي تقرر في مبحث العقائد ،ولكن متى أدركنا مستويات الخطاب، أمكن جمع الأمة وجلب المصالح و تحقيقها و درء المفاسد و تقليلها.
إن الشعارات الدينية التي لها قداسة عند الناس أدى استعمالها المفرط وبغير منهجية إلى إحداث نتائج عكسية لدى هذه الفئة من السلفيين.
فتغذية العقل بها باستمرار يجعلها تحل محل معيار الصدق في معارفنا،فتحل بدل العلم و أدلته، بل بدل النصوص الشرعية ، وتصير هي معيار الصدق،أي على أساسها يقبل القول أو يرد، فتؤثر في لا وعي المتلقي،خاصة إذا ما تم تحوير معناها و تضييق دلالاتها على طائفة أو جماعة معينة لخدمة أغراض مختلفة لهذه الطائفة .
أي عندما يتم استخدامها في الدعوة، وفي الاختلاف العلمي مع الغير كسلاح لإقصائه و إحراجه بإثارة الناس عليه، هنا يصير المتغذي بها يشعر أنه الممثل الرسمي لمعاني هذه الشعارات ودلالاتها، و بالتالي يرفض في وعيه، وفي اللاوعي إي مناقشة مع الآخر، لأني مادمت امتلك الحقيقة و أمثلها فمن يخالفني يخالف الحق ،ومن يخالف الحق مبطل،ثم تنهار الأحكام،فبينما الحق يدل عليه الدليل صار عند هذه الفئة يدل عليه الاسم، وهذه مصيبة عظيمة، عندما نطردها نبدأ بالمخالف البعيد الخارج عن أصول أهل السنة و الجماعة ، ثم نصل تدريجيا في عملية الإقصاء إلى من هو من أهل السنة و الجماعة يخالفنا في مسائل يسوغ فيها الخلاف، و تبدأ الدائرة تضيق ، حتى ترتد هذه القاعدة على صاحبها فيذم بها أقرب الناس إليه ويذمه الآخر، و يضيع الحق بينهما.
وهنا تتولد لدي من يعتقد نفسه الممثل الرسمي للكتاب و السنة عقد الفوقية، فكل الناس يصيرون في نظره خارجون عن مدلول هذه الشعارات، و بالتالي هم من أهل الباطل و الزيغ،وهو وحده الممثل للحق في كل صوره وتجلياته، وهذا يدعوه من خلال اللاوعي إلى رفض الاختلاف واعتباره موازاة ومساواة بين الحق و الباطل،وجدال حول الثوابت، و بالتالي يرفض النقاش والحوار في الدين ليس مع الشيعة و الخوارج و المعتزلة و العلمانيين بل مع السلفيين مثله.
إن الثوابت الإسلامية فوق تاريخية بمعنى أنها تتجاوز التاريخ و تتفوق على إشكالياته و تجدد عناصره ،فهي خالدة ،في حين أن المستجدات غير خالدة و لا مستمرة في المستقبل، ولذلك فلكل عصر مستجدا ته، و الإسلام فيه جزء مرن يحيط بالمستجدات و يهضمها يسمى المتغيرات، وجزء ثابت و مستقر لا يتأثر بالمستجدات وهو الثوابت.
وبذلك تعلم أن من المسائل التي يرفع فوقها هؤلاء الناس الشعارات الدينية كلافتة ليست من الثوابت، و أحيانا ليست حتى من المسائل الدينية، فهي إما دنيوية محضة بمعنى عرفية خالصة أو دينية دنيوية أي ليست دينية محضة.
أقول هذا لأن كثيرا من المسائل التي تضع عليها هذه الفئة شعارات:"الفرقة الناجية ،الطائفة المنصورة، مذهب أهل السنة و الجماعة " ليست من الثوابت، فهي إما مسائل اعتبارية أو خلافية حتى بين أهل السنة أنفسهم.
إن استعمال الشعارات الدينية بكثافة بدل العلم و أدلته و اتخاذها كسلاح في الدعوة ومواجهة الآخر يولد سلبيات عديدة منها:
1 ـاعتبارها معيارا للحقيقة بدل الدليل، وبذلك يكسب القول شرعيته بمجرد صدوره عن أحد زعامات الجماعة أو ممثليها، أي لا يقبل القول مالم يكفله أحد المنتمين لهذه الجماعة .
2ـ اعتبار المتمسك بها ممثلا للحق، وقد يقود ذلك إلى إضفاء نوع من القداسة عليه فيحرم على غيره مخالفته أو مناقشته ، وهم و إن لم يصرحوا به قولا، فهذا لسان حالهم ، لا يقبلون انتقاد شيخهم بعلم و عدل، وكل من انتقده أو خالفه ولو كانت معه قناطير الأدلة فليس بسلفي في فهمهم.
إن الخطاب الديني المشبع بهذه الشعارات ، والغارق في جعلها على مقاسه ،المبتعد عن مجريات الواقع و إشكالاته، المتجاوز بهذه الشعارات حد التعريف إلى عملية التهويل و المبالغة في مدح الذات و تزيلاتها، و الشهادة لها بالصحة العلمية و الأحقية الشرعية فوق ما تحتمله الشعارات و الرموز المستخدمة،قد يجعل أسماء الشخصيات العلمية المشهورة بالانتساب لهذه الشعارات في مستوى النص الشرعي من حيث قوة التدليل،ويرفعها آراءها إلى مصاف النص المعصوم.
3ـ عقدة الفوقية ورفض الاختلاف، لأن من يملك الحقيقة كيف للناس أن يجادلوه؟
4ـ إقصاء الآخر و إخراجه من مدلولها، خاصة استعمالها بازدواجية مع الجرح و التعديل، فإن المبدأ العام الذي يعتمد عليه من يغلو في استعمال الشعارات الدينية و يحتكرها لنفسه لتصنيف الأشخاص و الأفراد و الجماعات هو علم الجرح و التعديل أو استعارات مشبوهة و اقتباسات مختزلة من هذا العلم الحديثي، فكل مخالف يسلط عليه الأتباع ولابد من جرحه و قذفه لإخراجه من مدلولها، ومقاطعته في إطار استراتيجيات الرفض.
ولعل المتتبع لهذا الفئة يعلم الكيفية التي تهاجم بها خصومها أو بالأحرى غيرها بمعنى كل غيرها، زاعمة أنها تمارس النقد،أو تحمي السنة، وهي في الحقيقة تمارس الاغتيال الأدبي و الذبح العلمي،وتحمي مناصبها العلمية التي اكتسبتها بحشد العوام و بسكوت أهل الحق و العلم .
إن الكتاب و السنة هو المستودع المشترك بين جميع فئات المسلمين التي تعتمدهما كأصلين، و احتكار هذه الفئة للخطاب باسمهما، و تحويلهما إلى رمز من رموزها لجرأتها على أن تسمى اجتهاداتها ورؤيتها الخاصة بهما هو محض مصادرة، في حين أن علماء آخرين أكثر موضوعية و إنصافا يفرقون بين دلالة الكتاب و السنة القاطعة ،و بين فهمهم و اجتهادهم، و لذلك يحترمون الخلاف العلمي السائغ،ويتركون مجالا للالتقاء ومساحة للتلاقح العلمي.
5 ـ شل قدرة العقل على الاجتهاد والاستنباط، لأنه يسجن نفسه في داخلها، فتدعوه إلى التقليد و تصبح المسائل عنده شرعية بمجرد أن قائلها ينتمي إلى هذه الشعارات أو ينسب نفسه إليها،فمن يجعل هذه الشعارات ديدنه في العلم لا يعتقد أن الفكر و العلم يتجددان،لا المصطلحات قابلة للتجديد و لا معانيها.
6 ـ تقديس كلام الأوائل و المتسمين بها بغض النظر إن كان موافقا للكتاب و السنة أم لا؟،فمجرد أن قائل هذا الكلام من الأقدمين يصبح كلامه مقبولا،ولو خالفه غيره من أئمة السنة.
7 ـ تؤدي إلى الذوبان نتيجة الاختلاف الداخلي و النزاع حول من الأحق بها،لأن هؤلاء الذين غلوا في استعمالها لإضفاء الشرعية على آرائهم،كما استعملوها كسلاح في وجه من يخالفهم، فأول ما يرمون به مخالفهم هوتجريده من مدلول هذه الشعارات ثم يختلقون له اسما يكررونه باستمرار حتى يشتهر بذاك الاسم، و يصبح خروجه عن مدلول هذه الشعارات الدينية أمرا لازما.
كذلك بمجرد أن ينشب الخلاف بينهم يلجؤون إليها لتصفية حساباتهم، و يصير جل اختلافهم العلمي فيما بينهم هو تجاذب هذه الشعارات نفيا و إثباتا.أنا سلفي أنت لست بسلفي.
إن من وسائل الإكراه و القسر ولي الذراع التي تستخدمها هذه الفئة من السلفيين حديث "الفرقة الناجية" الذي تستخدمه كسلاح ردع تلوح به في عملية الإكراه، و نحن إذا ما عدنا إلى فهم كبار الأئمة كابن تيمية لهذا الحديث، لتبينا أن هذه الممارسة من هذه الفئة محض احتكار دعائي لا يرتكز على أي أساس شرعي، ولعل عدم تفريق هذه الفئة بين المعين و المطلق مشكلة ضخمة.
ومن بدعها الظاهرة في هذا الباب أنها تنزل هذه الأحاديث على المعين، بينما مذهب أهل السنة إنزالها على المطلق، فنقول أحق الناس بان يكونوا الفرقة الناجية أو الطائفة المنصورة هم أهل الحديث، ولكن لا ننزلها على معين، فإن الشهادة لمعين بأنه من الفرقة الناجية أو من الطائفة المنصورة هو تقول على الله وتزكية لهذا المعين بغير نص،فلماذا نقول العشرة المبشرين بالجنة، و لا نقول الصحابة المبشرين بالجنة لان العشرة ثبت فيهم النص ، فنحن يجب أن نتقيد بالنص.
إن من وسائل الإكراه الظاهر في فكر هذه الفئة من السلفيين أن الشعار الديني بطبيعته منفتح ومرن، و لكنهم أغلقوه على أنفسهم كمصطلح "أهل السنة"، بل داخل هذه الفئة نفسها عملية شذ وجذب لهذا المصطلح ،و بالتالي تم تحويله إلى كلمة جامدة، ولافتة لا حياة داخلها، فهو لافتة خارجية ما يقع تحته لا يعبر عن مضمونه،فهل كان أهل السنة جل اهتمامهم الكلام في العلماء و تتبع زلاتهم ، و الكلام في الجرح و التعديل أم كان جل اهتمامهم العناية بالقرآن قراءة و تدبرا و تفسيرا و تعليما للناس، و العناية بالحديث النبوي تنقية لأسانيده و تحفيظه و دفع الناس للتفقه فيه، ثم الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر؟
ما هي مرتبة علم الجرح و التعديل في العلوم الإسلامية ، هل هو مما يخاطب به العامة و يدر س على المنابر أم هو علم خاص الخاصة ، بحيث هو اختصاص فئة من المحدثين تعد على الأصابع سخرت كل حياتها لهذا العلم الجليل خدمة للسنة النبوية ، فإن كان من علم الخاصة فكيف يحكم فيه العوام؟
فإذا كان اسم "أهل السنة و الجماعة " يعبر عن التجمع حول سنة النبي صلى الله عليه و سلم ،و صار هؤلاء يدعون إلى الفرقة بلسان المقال أو بلسان الحال، أصبح هذا الشعار لا يدل في الحقيقة على شيء، وهذا من أشد الأفكار المدمرة لروح السنة وجوهرها.
وفي الأخير فإن العلماء الحقيقيين هم وحدهم الأكفاء على تقديم خطاب علمي موضوعي وواقعي يضع هذه الشعارات في موضعها، و يسفه كل التلاعبات بها التي تستغلها هذه الفئة المتشددة المنحرفة من السلفيين لأغراض أقل ما يقال عنها:إنها شخصية.
إن الفكر السني الحر و المستقل عن أي تبعية إلا التبعية للكتاب و السنة، و المتجرد عن أية مديونية للغير،إلا لله سبحانه و تعالى هو القادر على أن يسفه كل استغلال للدين غير شرعي ولو رفع فوق هذا الاستغلال الشعارات الدينية، كما أنه قادر على تسفيه كل عداء للدين يناصب العداء للمعاني الحقة لهذه الشعارات الصحيحة سندا و متنا، لمصلحة الأمة ككل، ولفائدة الكل.
إن تشكيل فكر سني له خلفية و أرضية سنية مطلوب، ويجب قبوله حتى من المتصلبين و المتشددين الذين عليهم أن يفرقوا بين هذا الفكر الذي يستلهم مناهجه و مبادئه و يقترح أطروحات و حلولا من خلال التراث الإسلامي السني، و بين فكر يستلهم من شرق وغرب ،يستغل فجوات في التراث الإسلامي العام، ولا ينسجم مع الكتاب و السنة ،بحيث يظهر في ثوب مخالف لثوابت أهل السنة و الجماعة، ربما يريد أن يستفيد من سلطة الدين على الناس ليضف على نفسه نوعا من الشرعية السنية .
إن الرهان الأكبر للصراع الدائر بين فئة من السلفيين يقتصر دورها على ذم بقية أهل السنة و الجماعة و نبذهم وتتبع العثرات، و البحث على نقاط الاختلاف لإبرازها و تضخيمها ، وبين العلماء و المفكرين و الدعاة المتخلصين من هذه النعرة أو البدعة، هو التنافس المستمر بين تقديس التقليد الأعمى، و تجديد العلوم الإسلامية و تحديثها بعد تصفيتها، بين التجريد النظري و العمل لإصلاح الأمة و جمعها على الأقل على شروط وجودها الملي،لا الصراع من أجل السيطرة على الشعار الديني دون التمثل به عمليا.
إن نزع المشروعية السنية السلفية عن أي مخالف للتصور الديني لهذه الفئة من السلفيين الغرض منه إقصاء و استبعاد كل من تسول له نفسه مخالفتهم أو الخروج عن سلطتهم، فبمجرد دعوى هذه الفئة الانتساب إلى السلف تعتبر مخالفها خارجا عن الإيمان الحقيقي و الصحيح، فكل فكر تعتبره هذه الفئة من السلفيين مخالفا لها تعتبره منحرفا عن الإسلام الصحيح، لأنها تعتبر نفسها الممثلة للإسلام الصحيح و الناطقة باسمه، لأن المخيل و الشعور لدى الفرد المنتمي إليها هو أنك بمخالفته تخالف النبي صلى الله عليه و سلم ،لا تخالف فهمه هو، وتصوره هو؟
لقد أرادت هذه الفئة فرض تصورها للدين على الناس في كل مكان، وهي في الحقيقة لا تحمل تصورا كاملا للدين، و لامشروعا جديا لهذه الأمة، تصورها ليس هو تصور أهل السنة ،و إنما تصور بعض أئمة أهل السنة، ولكنها ترجحه و تفضله وتريد فرضه على الكل لأنه يوافق منظومتها المعرفية المتميزة بالتشدد ،وعليه كان حقيقة ما طرحته من تصور يظهر تناقضا كبيرا بين التصور الكامل لأهل السنة و الجماعة، و بين تصور هؤلاء الأتباع.
إن الفصل بين أهل السنة و الجماعة وهذه الفئة المنتسبة إليهم ظاهر بفوارق وفواصل علمية عملية واضحة تلغي أية مصادرة لهذه الفئة على شعار السلفية و أهل السنة و الجماعة ، فإنه وإن كان قولها سنيا من حيث النسبة فحالها في أحيان كثيرة بدعي يقترب من تصور الخوارج القعيدية أكثر من اقترابه من تصور أهل السنة و الجماعة.
نقل شيخ الإسلام ابن تيمية عن رسالة الإمام أحمد إلى عبد الملك بن عبدوس أنه قال:"الخصومة في الدين ليست من طريق أهل السنة".
فأهل السنة لا يبدؤن أحدا بالخصومة ، ولا يعتبرون الدين بالمغالبة، ولكن الدين عندهم الكتاب و السنة و الإجماع، و العلم عندهم ما قام عليه الدليل و النافع منه ما جاء به الرسول وسوى ذلك خزف مزوق أو باطل ملفق.
و إنما يناظرون و يخاصمون و يجادلون عندما تحدث البدع فيردون على البدع ، ولو سكت المبتدعة سكت عنهم أهل السنة، فما لم يكن دينا عند النبي صلى الله عليه و سلم لا يصير دينا اليوم، وما لم يمتحن به النبي صلى الله عليه و سلم لا يجوز الامتحان به اليوم.
هذا المقال نقد لفئة من السلفيين يعرفها كل السلفيين، و كل الناس، متشددة متصلبة مبتدعة لمنهج جديد ، ضعيفة في حججها، قاصرة في دلائلها ، يجب القيام عليها بالحق، و بالنصح، والإرشاد و التعليم فإن أبت فيجب كشفها و التحذير منها ،فإنها خطر على السنة المطهرة.
و الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على اشرف المرسلين.
مخاطر الغلو في استخدام شعار "السلفية"
الحمد لله وكفى و الصلاة و السلام على النبي المصطفى؛وبعد.......
إن الاسم المحمود متى استعمل للتفريق، أو أدى إلى الصراع بين المسلمين يصبح من دعوة الجاهلية، روى أبو داود من حديث محمد بن إسحاق عن داود بن الحصين عن عبد الرحمن ابن أبي عقبة عن أبي عقبة، وكان مولى من أهل فارس أنه قال:" شهدت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم أحد فضربت رجلا من المشركين فقلت: خذها مني و أنا الغلام الفارسي، فالتفت إلي رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال:" هلا قلت: خذها مني و أنا الغلام الأنصاري؟"[1]
فهذا الصحابي حضه النبي صلى الله عليه و سلم على الانتساب إلى الأنصار، و إن كان بالولاء مع انه انتسب نسبة حق ليست محرمة، وهي كونه من أهل فارس.
ومع ذلك نقول:الانتساب إلى الاسم الشرعي يجب أن لا يكون سببا لمحنة الأمة و تفريقها، فإن الأمر المحمود إذا أفضى إلى مفسدة نهي عنه، روى الإمام مسلم من حديث أبي الزبير عن جابر ـ رضي الله عنه، أنه قال:" اقتتل غلامان، غلام من المهاجرين و غلام من الأنصار، فنادى المهاجري: يا للمهاجرين، و نادى الأنصاري: يا للأنصار، فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال:" ما هذا؟ ، أدعوى الجاهلية ؟"، قالوا: لا يا رسول الله، إلا أن غلامين اقتتلا فكسع أحدهما الآخر، فقال:" لا بأس لينصر الرجل أخاه ظالما أو مظلوما، إن كان ظالما فلينهه فإنه له نصر، و إن كان مظلوما فلينصره".
فتبين أن الانتساب إلى المهاجرين و الأنصار الذين هم سلف الأمة انتساب محمود، وتداع إلى ما أمرنا شرعا بإتباعهم، مالم يفض إلى دعوى جاهلية و امتحان الآمة وتفريقها على مفاسد عظيمة.نقلا عن رسالتي"حكم الانتساب".
يكثر بعض الناس من استعمال شعار السلفية بكثافة في كل صغيرة و كبيرة، فلا يخلو لهم كلام أو بحث أو رسالة من هذا الشعار، بمناسبة أو بغير مناسبة ،حتى في الخلافات الأكاديمية الدقيقة لا يتوانون عن استخدامه لإضفاء المصداقية و الأحقية عليها.
ومعلوم أن الشعار الديني يأخذ كل بعده العملي في العقل و النفس لما يتمتع به من سلطة معنوية خاصة عند عوام الناس، فإن لم يترجم مدلوله عمليا أولم نجيد استعماله، كإخراجه عن إطاره من خلال تغطية الخطاب المفرط في التشدد و التصلب، و المناهج البدعية في الجرح و التعديل بهالة من التبجيل و التمجيد بهذا الشعار الديني، و مجاملة الذات به كـ "السلفية" و" أهل السنة" و" أهل الحق" و "الطائفة المنصورة" و "الفرقة الناجية" فسيتحول إلى الهوة التي سيجد فيها كل فكر أو دعوة تبحث عن الانتشار حتفها، لأننا سنولد نزاعا حول هذه الشعارات داخليا و خارجيا أي داخل الجماعة الواحدة ،وعلى مستوى الملة، قد يولد جماعات كثيرة تتنازع وتتجاذب هذه الشعارات و الرموز، وهذا ما حصل بالضبط بحيث صارت السلفية سلفيات ،وكل فرقة تدعي أن الآخرين "أدعياء السلفية" فحتى ما سمي بـــ" السلفية العلمية" أصبحت سلفيات،وهكذا علامة الباطل التفرق و الاختلاف بل و التناحر.
فهذه الشعارات تصبح متهاوية وساقطة، و غير مؤثرة بحكم الممارسات الخاطئة ،كالتلاعب بها في تصفية النزاعات الشخصية بين أهل العلم ،بأن نجعلها بديلا عن الحجج و البراهين، فنأتي الخلاف الموروث من زمن السلف الصالح أي الخلاف السائغ، و نحاول فضه بالشعار: أنا سلفي،وهذا مضيع، مميع.
أو التشدق بها، في حين أننا لا نعمل عمل السلف الصالح، ولا نشبههم لا في سلوك، ولا في ترتيب الأوليات، أو التلويح بها كسلاح يستعمل لإقصاء المخالف ،أو التهديد بها كما هو واقع و مشاهد في الساحة العلمية.
وعليه، فالإكثار من استخدام هذه الشعارات، والغلو في مدلولاتها يبين مدى ما استغل بعض المسلمين هذه الشعارات الدينية لأهداف غير شرعية،كالترؤس على الناس بغير وجه حق، و الحصول على بعض المزايا، حتى أصبحت عند بعض الأفراد ونتيجة لممارستهم المتعارضة مع مدلولاتها مجرد قوالب لغوية فارغة من المعاني ،لأن من عرف الحق رحم الخلق هذا إن عرفه بحق، و أما إذا لم تظهر الرحمة في علمه وكلامه و أفعاله، بل ظهر عليه التشدد و التصلب و الغلو في الذم و تصيد المثالب، فهذا يدلك على أنه لم يعرف الحق المعرفة الواجبة، قال ابن تيمية في "شرح الأصفهانية :" فإن من عرف حقائق أقوال الناس وطرقهم التي دعتهم إلى تلك الأقوال حصل له العلم والرحمة فعلم الحق ورحم الخلق، وكان مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وهذه خاصة أهل السنة المتبعين للرسول صلى الله عليه وسلم فإنهم يتبعون الحق ويرحمون من خالفهم باجتهاده حيث عذره الله ورسوله، وأهل البدع يبتدعون بدعة باطلة ويكفرون من خالفهم فيها".
إن الإفراط الذي يظهره بعض الناس في استخدام هذه الشعارات، و تزيين كلامهم بها قادهم حتما إلى التظاهر على أنهم الممثلين الصادقين و الوحيدين لأهل السنة و الجماعة، و بالتالي احتكار الكلام باسم الله ورسوله،لذلك لا تتجاوز مهمتهم العلمية إطار مراقبة غيرهم، والانقضاض عليهم نقدا ونقضا وتجريحا متى اصطادوا ما يعتقدون انه خطأ في العلم أو المنهج،وهم بهذا لا ينتجون اية معرفة حقيقية ،و إنما يراقبون من ينتج المعرفة عن طريق الاجتهاد و الدراسة،
و هذا الشعور الزائف لدى هذه الفئة من السلفيين، و النابع من الارتكاز على الشعار الديني بدلا من الدليل العلمي، ولد لديهم عقدة التفوق و التعالي، و التي هي في الحقيقة عقدة نقص أمام كل خطاب علمي دقيق و نزيه ،لأن الفوقية العلمية من المفروض بها أن تدفعه إلى الانغماس في المجتمع في جميع مجالاته مادام يملك الحقيقة، ولكنه بخلاف ذلك انزوى على نفسه و تقوقع،واتخذ مجموعة تدابير ليحمي نفسه من مؤثرات الخارجية ،دون أن يعمل على إضعاف هذه المؤثرات أو تغيير واقعها.
كذلك ساهمت هذه الشعارات التي يتزين بها هؤلاء في تشتيت أهل السنة و الجماعة، و ضياع طاقاتهم العلمية و العملية في تجاذبها، ،وعندما تحولت إلى عقدة فوقية تكمن في نفوس هؤلاء أكسبتهم الجرأة والتهور للهجوم الشرس و العدواني على كل روافد أهل السنة و الجماعة، و قذعهم بأوصاف شتى، حتى أئمة الإسلام و أعلامه لم يسلموا منها، مما يدل على أن هذه الفئة تريد احتكار هذه الشعارات لصالحها، في حين هي ملك لكل المسلمين ،لا يقوم الإشكال في التغني بها بل في تقمص معانيها في الواقع.
وعندما أقول: كل روافد أهل السنة فأعني أن عقيدة أهل السنة و الجماعة في مسألة "الأسماء و الأحكام" مبنية على أن المسلمين يتفاضلون في كل شيء: في التصديق، في إيمان القلب: قول القلب و عمل القلب، يتفاضلون في التعظيم، في الخشية ، في اليقين، في المعرفة، و كل اعتقاد يعم القلب وكل قول يعم العقل يتفاضل فيه المسلمون، فلزم حتما وضرورة أنهم يتفاضلون في حب السنة، في الدعوة إلى السنة ، في فهم السنة ، ولذلك كانت أصول الانتماء إلى أهل السنة هي القول بالكتاب و السنة و الإجماع، فمن قال بهذه الأصول فهو من أهل السنة و الجماعة،ثم يتفاضل في العلم بالسنة فمنهم من يعرف السنة جملة و تفصيلا، ويتلقاها في الاعتقاد و الأحكام، ومنهم من يتلقاها في الأحكام، وفي العقائد يتلقى بعضها، و بعضها الآخر يتلقاه من غير هذه المصادر: الكتاب و السنة و الإجماع، أو ما يسمى الدليل العقلي.
وعليه فخطاب أهل السنة و الجماعة الحقيقي خطاب له مستويات، فعندما آتي إلى مسألة من مسائل الصفات و أجد بعض من يقول بأصول أهل السنة و الجماعة يتلقى معتقده من غير هذه الأصول فقوله بلا شك بدعة، ولكن هل هو مجتهد أخطا الأصول أو تلقى قواعد عقلية بدعية ظنها صحيحة ثم لما طردها ابتعد عن معتقد أهل السنة و الجماعة في الصفات ،فهذا مستوى.
ولكن عندما آتي إلى أصوله العملية أقصد الفقه و أصوله السياسية كمبحث الإمامة فهو بلا شك من أهل السنة و الجماعة فهاهنا مستوى آخر للخطاب ،و لذلك نجد بعض الأئمة الأشاعرة قد أجادوا في الرد على المعتزلة و الشيعة و الفلاسفة و النصارى ،فأحيانا يردون عليهم بحق و أحيانا يردون بدعة ببدعة أخرى، و لكن هم اقرب إلى الحق، و بدعتهم أخف .
هذا فضلا عمن هو من أهل السنة و الجماعة اعتقادا و طريقة في التعامل مع النصوص، أخرجه أهل الغلو من السلفيين منها لأسباب يعلمها الجميع.
و عليه فمراعاة مستويات الخطاب يدل على فهم تاريخ التشريع ، و تاريخ نشوء الفرق و تطورها ، و تاريخ تطور الفكر العقدي عند المسلمين ، و التمييز بين من كانت أصوله سنية انحرف عنها في مرحلة من مراحل التلقي ، و بين من كانت أصوله بدعية ،فإن السنة مبناها على العلم و الاعتدال و الاقتصاد.فمن كان سنيا ولم يكن عادلا مع الفرق الأخرى فهو مبتدع باغ عليهم، ومن كان عادلا معهم غير منطلق من أصول أهل السنة فهو كذلك مبتدع.
فالتقصير في السنة بدعة ، و الغلو في السنة بدعة ، فالتقصير دون ما قررته السنة بدعة، و الزيادة على ما قررته السنة بدعة ، و السنة الحقة العلم بالسنة و الاقتصاد فيها و الاعتدال مع المخالف.
ولا أريد أن أطيل الوقوف عند هذه المسألة التي تقرر في مبحث العقائد ،ولكن متى أدركنا مستويات الخطاب، أمكن جمع الأمة وجلب المصالح و تحقيقها و درء المفاسد و تقليلها.
إن الشعارات الدينية التي لها قداسة عند الناس أدى استعمالها المفرط وبغير منهجية إلى إحداث نتائج عكسية لدى هذه الفئة من السلفيين.
فتغذية العقل بها باستمرار يجعلها تحل محل معيار الصدق في معارفنا،فتحل بدل العلم و أدلته، بل بدل النصوص الشرعية ، وتصير هي معيار الصدق،أي على أساسها يقبل القول أو يرد، فتؤثر في لا وعي المتلقي،خاصة إذا ما تم تحوير معناها و تضييق دلالاتها على طائفة أو جماعة معينة لخدمة أغراض مختلفة لهذه الطائفة .
أي عندما يتم استخدامها في الدعوة، وفي الاختلاف العلمي مع الغير كسلاح لإقصائه و إحراجه بإثارة الناس عليه، هنا يصير المتغذي بها يشعر أنه الممثل الرسمي لمعاني هذه الشعارات ودلالاتها، و بالتالي يرفض في وعيه، وفي اللاوعي إي مناقشة مع الآخر، لأني مادمت امتلك الحقيقة و أمثلها فمن يخالفني يخالف الحق ،ومن يخالف الحق مبطل،ثم تنهار الأحكام،فبينما الحق يدل عليه الدليل صار عند هذه الفئة يدل عليه الاسم، وهذه مصيبة عظيمة، عندما نطردها نبدأ بالمخالف البعيد الخارج عن أصول أهل السنة و الجماعة ، ثم نصل تدريجيا في عملية الإقصاء إلى من هو من أهل السنة و الجماعة يخالفنا في مسائل يسوغ فيها الخلاف، و تبدأ الدائرة تضيق ، حتى ترتد هذه القاعدة على صاحبها فيذم بها أقرب الناس إليه ويذمه الآخر، و يضيع الحق بينهما.
وهنا تتولد لدي من يعتقد نفسه الممثل الرسمي للكتاب و السنة عقد الفوقية، فكل الناس يصيرون في نظره خارجون عن مدلول هذه الشعارات، و بالتالي هم من أهل الباطل و الزيغ،وهو وحده الممثل للحق في كل صوره وتجلياته، وهذا يدعوه من خلال اللاوعي إلى رفض الاختلاف واعتباره موازاة ومساواة بين الحق و الباطل،وجدال حول الثوابت، و بالتالي يرفض النقاش والحوار في الدين ليس مع الشيعة و الخوارج و المعتزلة و العلمانيين بل مع السلفيين مثله.
إن الثوابت الإسلامية فوق تاريخية بمعنى أنها تتجاوز التاريخ و تتفوق على إشكالياته و تجدد عناصره ،فهي خالدة ،في حين أن المستجدات غير خالدة و لا مستمرة في المستقبل، ولذلك فلكل عصر مستجدا ته، و الإسلام فيه جزء مرن يحيط بالمستجدات و يهضمها يسمى المتغيرات، وجزء ثابت و مستقر لا يتأثر بالمستجدات وهو الثوابت.
وبذلك تعلم أن من المسائل التي يرفع فوقها هؤلاء الناس الشعارات الدينية كلافتة ليست من الثوابت، و أحيانا ليست حتى من المسائل الدينية، فهي إما دنيوية محضة بمعنى عرفية خالصة أو دينية دنيوية أي ليست دينية محضة.
أقول هذا لأن كثيرا من المسائل التي تضع عليها هذه الفئة شعارات:"الفرقة الناجية ،الطائفة المنصورة، مذهب أهل السنة و الجماعة " ليست من الثوابت، فهي إما مسائل اعتبارية أو خلافية حتى بين أهل السنة أنفسهم.
إن استعمال الشعارات الدينية بكثافة بدل العلم و أدلته و اتخاذها كسلاح في الدعوة ومواجهة الآخر يولد سلبيات عديدة منها:
1 ـاعتبارها معيارا للحقيقة بدل الدليل، وبذلك يكسب القول شرعيته بمجرد صدوره عن أحد زعامات الجماعة أو ممثليها، أي لا يقبل القول مالم يكفله أحد المنتمين لهذه الجماعة .
2ـ اعتبار المتمسك بها ممثلا للحق، وقد يقود ذلك إلى إضفاء نوع من القداسة عليه فيحرم على غيره مخالفته أو مناقشته ، وهم و إن لم يصرحوا به قولا، فهذا لسان حالهم ، لا يقبلون انتقاد شيخهم بعلم و عدل، وكل من انتقده أو خالفه ولو كانت معه قناطير الأدلة فليس بسلفي في فهمهم.
إن الخطاب الديني المشبع بهذه الشعارات ، والغارق في جعلها على مقاسه ،المبتعد عن مجريات الواقع و إشكالاته، المتجاوز بهذه الشعارات حد التعريف إلى عملية التهويل و المبالغة في مدح الذات و تزيلاتها، و الشهادة لها بالصحة العلمية و الأحقية الشرعية فوق ما تحتمله الشعارات و الرموز المستخدمة،قد يجعل أسماء الشخصيات العلمية المشهورة بالانتساب لهذه الشعارات في مستوى النص الشرعي من حيث قوة التدليل،ويرفعها آراءها إلى مصاف النص المعصوم.
3ـ عقدة الفوقية ورفض الاختلاف، لأن من يملك الحقيقة كيف للناس أن يجادلوه؟
4ـ إقصاء الآخر و إخراجه من مدلولها، خاصة استعمالها بازدواجية مع الجرح و التعديل، فإن المبدأ العام الذي يعتمد عليه من يغلو في استعمال الشعارات الدينية و يحتكرها لنفسه لتصنيف الأشخاص و الأفراد و الجماعات هو علم الجرح و التعديل أو استعارات مشبوهة و اقتباسات مختزلة من هذا العلم الحديثي، فكل مخالف يسلط عليه الأتباع ولابد من جرحه و قذفه لإخراجه من مدلولها، ومقاطعته في إطار استراتيجيات الرفض.
ولعل المتتبع لهذا الفئة يعلم الكيفية التي تهاجم بها خصومها أو بالأحرى غيرها بمعنى كل غيرها، زاعمة أنها تمارس النقد،أو تحمي السنة، وهي في الحقيقة تمارس الاغتيال الأدبي و الذبح العلمي،وتحمي مناصبها العلمية التي اكتسبتها بحشد العوام و بسكوت أهل الحق و العلم .
إن الكتاب و السنة هو المستودع المشترك بين جميع فئات المسلمين التي تعتمدهما كأصلين، و احتكار هذه الفئة للخطاب باسمهما، و تحويلهما إلى رمز من رموزها لجرأتها على أن تسمى اجتهاداتها ورؤيتها الخاصة بهما هو محض مصادرة، في حين أن علماء آخرين أكثر موضوعية و إنصافا يفرقون بين دلالة الكتاب و السنة القاطعة ،و بين فهمهم و اجتهادهم، و لذلك يحترمون الخلاف العلمي السائغ،ويتركون مجالا للالتقاء ومساحة للتلاقح العلمي.
5 ـ شل قدرة العقل على الاجتهاد والاستنباط، لأنه يسجن نفسه في داخلها، فتدعوه إلى التقليد و تصبح المسائل عنده شرعية بمجرد أن قائلها ينتمي إلى هذه الشعارات أو ينسب نفسه إليها،فمن يجعل هذه الشعارات ديدنه في العلم لا يعتقد أن الفكر و العلم يتجددان،لا المصطلحات قابلة للتجديد و لا معانيها.
6 ـ تقديس كلام الأوائل و المتسمين بها بغض النظر إن كان موافقا للكتاب و السنة أم لا؟،فمجرد أن قائل هذا الكلام من الأقدمين يصبح كلامه مقبولا،ولو خالفه غيره من أئمة السنة.
7 ـ تؤدي إلى الذوبان نتيجة الاختلاف الداخلي و النزاع حول من الأحق بها،لأن هؤلاء الذين غلوا في استعمالها لإضفاء الشرعية على آرائهم،كما استعملوها كسلاح في وجه من يخالفهم، فأول ما يرمون به مخالفهم هوتجريده من مدلول هذه الشعارات ثم يختلقون له اسما يكررونه باستمرار حتى يشتهر بذاك الاسم، و يصبح خروجه عن مدلول هذه الشعارات الدينية أمرا لازما.
كذلك بمجرد أن ينشب الخلاف بينهم يلجؤون إليها لتصفية حساباتهم، و يصير جل اختلافهم العلمي فيما بينهم هو تجاذب هذه الشعارات نفيا و إثباتا.أنا سلفي أنت لست بسلفي.
إن من وسائل الإكراه و القسر ولي الذراع التي تستخدمها هذه الفئة من السلفيين حديث "الفرقة الناجية" الذي تستخدمه كسلاح ردع تلوح به في عملية الإكراه، و نحن إذا ما عدنا إلى فهم كبار الأئمة كابن تيمية لهذا الحديث، لتبينا أن هذه الممارسة من هذه الفئة محض احتكار دعائي لا يرتكز على أي أساس شرعي، ولعل عدم تفريق هذه الفئة بين المعين و المطلق مشكلة ضخمة.
ومن بدعها الظاهرة في هذا الباب أنها تنزل هذه الأحاديث على المعين، بينما مذهب أهل السنة إنزالها على المطلق، فنقول أحق الناس بان يكونوا الفرقة الناجية أو الطائفة المنصورة هم أهل الحديث، ولكن لا ننزلها على معين، فإن الشهادة لمعين بأنه من الفرقة الناجية أو من الطائفة المنصورة هو تقول على الله وتزكية لهذا المعين بغير نص،فلماذا نقول العشرة المبشرين بالجنة، و لا نقول الصحابة المبشرين بالجنة لان العشرة ثبت فيهم النص ، فنحن يجب أن نتقيد بالنص.
إن من وسائل الإكراه الظاهر في فكر هذه الفئة من السلفيين أن الشعار الديني بطبيعته منفتح ومرن، و لكنهم أغلقوه على أنفسهم كمصطلح "أهل السنة"، بل داخل هذه الفئة نفسها عملية شذ وجذب لهذا المصطلح ،و بالتالي تم تحويله إلى كلمة جامدة، ولافتة لا حياة داخلها، فهو لافتة خارجية ما يقع تحته لا يعبر عن مضمونه،فهل كان أهل السنة جل اهتمامهم الكلام في العلماء و تتبع زلاتهم ، و الكلام في الجرح و التعديل أم كان جل اهتمامهم العناية بالقرآن قراءة و تدبرا و تفسيرا و تعليما للناس، و العناية بالحديث النبوي تنقية لأسانيده و تحفيظه و دفع الناس للتفقه فيه، ثم الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر؟
ما هي مرتبة علم الجرح و التعديل في العلوم الإسلامية ، هل هو مما يخاطب به العامة و يدر س على المنابر أم هو علم خاص الخاصة ، بحيث هو اختصاص فئة من المحدثين تعد على الأصابع سخرت كل حياتها لهذا العلم الجليل خدمة للسنة النبوية ، فإن كان من علم الخاصة فكيف يحكم فيه العوام؟
فإذا كان اسم "أهل السنة و الجماعة " يعبر عن التجمع حول سنة النبي صلى الله عليه و سلم ،و صار هؤلاء يدعون إلى الفرقة بلسان المقال أو بلسان الحال، أصبح هذا الشعار لا يدل في الحقيقة على شيء، وهذا من أشد الأفكار المدمرة لروح السنة وجوهرها.
وفي الأخير فإن العلماء الحقيقيين هم وحدهم الأكفاء على تقديم خطاب علمي موضوعي وواقعي يضع هذه الشعارات في موضعها، و يسفه كل التلاعبات بها التي تستغلها هذه الفئة المتشددة المنحرفة من السلفيين لأغراض أقل ما يقال عنها:إنها شخصية.
إن الفكر السني الحر و المستقل عن أي تبعية إلا التبعية للكتاب و السنة، و المتجرد عن أية مديونية للغير،إلا لله سبحانه و تعالى هو القادر على أن يسفه كل استغلال للدين غير شرعي ولو رفع فوق هذا الاستغلال الشعارات الدينية، كما أنه قادر على تسفيه كل عداء للدين يناصب العداء للمعاني الحقة لهذه الشعارات الصحيحة سندا و متنا، لمصلحة الأمة ككل، ولفائدة الكل.
إن تشكيل فكر سني له خلفية و أرضية سنية مطلوب، ويجب قبوله حتى من المتصلبين و المتشددين الذين عليهم أن يفرقوا بين هذا الفكر الذي يستلهم مناهجه و مبادئه و يقترح أطروحات و حلولا من خلال التراث الإسلامي السني، و بين فكر يستلهم من شرق وغرب ،يستغل فجوات في التراث الإسلامي العام، ولا ينسجم مع الكتاب و السنة ،بحيث يظهر في ثوب مخالف لثوابت أهل السنة و الجماعة، ربما يريد أن يستفيد من سلطة الدين على الناس ليضف على نفسه نوعا من الشرعية السنية .
إن الرهان الأكبر للصراع الدائر بين فئة من السلفيين يقتصر دورها على ذم بقية أهل السنة و الجماعة و نبذهم وتتبع العثرات، و البحث على نقاط الاختلاف لإبرازها و تضخيمها ، وبين العلماء و المفكرين و الدعاة المتخلصين من هذه النعرة أو البدعة، هو التنافس المستمر بين تقديس التقليد الأعمى، و تجديد العلوم الإسلامية و تحديثها بعد تصفيتها، بين التجريد النظري و العمل لإصلاح الأمة و جمعها على الأقل على شروط وجودها الملي،لا الصراع من أجل السيطرة على الشعار الديني دون التمثل به عمليا.
إن نزع المشروعية السنية السلفية عن أي مخالف للتصور الديني لهذه الفئة من السلفيين الغرض منه إقصاء و استبعاد كل من تسول له نفسه مخالفتهم أو الخروج عن سلطتهم، فبمجرد دعوى هذه الفئة الانتساب إلى السلف تعتبر مخالفها خارجا عن الإيمان الحقيقي و الصحيح، فكل فكر تعتبره هذه الفئة من السلفيين مخالفا لها تعتبره منحرفا عن الإسلام الصحيح، لأنها تعتبر نفسها الممثلة للإسلام الصحيح و الناطقة باسمه، لأن المخيل و الشعور لدى الفرد المنتمي إليها هو أنك بمخالفته تخالف النبي صلى الله عليه و سلم ،لا تخالف فهمه هو، وتصوره هو؟
لقد أرادت هذه الفئة فرض تصورها للدين على الناس في كل مكان، وهي في الحقيقة لا تحمل تصورا كاملا للدين، و لامشروعا جديا لهذه الأمة، تصورها ليس هو تصور أهل السنة ،و إنما تصور بعض أئمة أهل السنة، ولكنها ترجحه و تفضله وتريد فرضه على الكل لأنه يوافق منظومتها المعرفية المتميزة بالتشدد ،وعليه كان حقيقة ما طرحته من تصور يظهر تناقضا كبيرا بين التصور الكامل لأهل السنة و الجماعة، و بين تصور هؤلاء الأتباع.
إن الفصل بين أهل السنة و الجماعة وهذه الفئة المنتسبة إليهم ظاهر بفوارق وفواصل علمية عملية واضحة تلغي أية مصادرة لهذه الفئة على شعار السلفية و أهل السنة و الجماعة ، فإنه وإن كان قولها سنيا من حيث النسبة فحالها في أحيان كثيرة بدعي يقترب من تصور الخوارج القعيدية أكثر من اقترابه من تصور أهل السنة و الجماعة.
نقل شيخ الإسلام ابن تيمية عن رسالة الإمام أحمد إلى عبد الملك بن عبدوس أنه قال:"الخصومة في الدين ليست من طريق أهل السنة".
فأهل السنة لا يبدؤن أحدا بالخصومة ، ولا يعتبرون الدين بالمغالبة، ولكن الدين عندهم الكتاب و السنة و الإجماع، و العلم عندهم ما قام عليه الدليل و النافع منه ما جاء به الرسول وسوى ذلك خزف مزوق أو باطل ملفق.
و إنما يناظرون و يخاصمون و يجادلون عندما تحدث البدع فيردون على البدع ، ولو سكت المبتدعة سكت عنهم أهل السنة، فما لم يكن دينا عند النبي صلى الله عليه و سلم لا يصير دينا اليوم، وما لم يمتحن به النبي صلى الله عليه و سلم لا يجوز الامتحان به اليوم.
هذا المقال نقد لفئة من السلفيين يعرفها كل السلفيين، و كل الناس، متشددة متصلبة مبتدعة لمنهج جديد ، ضعيفة في حججها، قاصرة في دلائلها ، يجب القيام عليها بالحق، و بالنصح، والإرشاد و التعليم فإن أبت فيجب كشفها و التحذير منها ،فإنها خطر على السنة المطهرة.
و الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على اشرف المرسلين.
أرزيو / الجزائر في 2009-04-30
مختار الأخضر طيباوي
0 التعليقات: