حقيقة التوحيد
التوحيد الذي هو دعوة جميعِ الرسلِ ، أصلُ مادتِهِ يدلُ على الإفراد ، ولا يتحقق إلا بنفي تامٍ وإثباتٍ تام .
فالنفيُ التامُّ: يكون بنفي الحكمِ الذي خُصَّ به الموحَد ، يُنفى عمَّا سواه .
والإثباتُ التامُّ: يكون بإثباتِ الحكمِ الذي خُصَّ به الموحَد ، فَيُثْبَتُ له وحده .
والتوحيد شرعاً: اعتقادٌ جازمٌ أنَّ الله تعالى واحدٌ في ربوبيته ، واحدٌ في أُلوهيته ، واحدٌ في أسمائه وصفاتِهِ ،
وهذا ما تضمنته كلمةُ (( لا إله إلا الله )) ، ومعناها : لا معبود بحقٍّ إلا الله ، فهي نفيٌ لكلِّ ما عُبِدَ بغيرِ حقٍّ دونَ
الله تعالى ، وذلك أنَّ كلَّ ما يُعْبَدُ دونه سبحانه فعبادتُهُ باطلةُ ، لكونها صُرِفَتْ إلى غير من تفردَ باستحقاقِ العبادة
، وهو الله وحده ، وهذه الكلمةُ إثباتٌ للعبادةِ لله وحده ، ولذا سُميت : ((كلمة التوحيد)) .
وعلم التوحيد : يبحثُ في ربوبية الله تعالى ، وأُلُوهيته ، وما يجبُ على العبدِ تُجاهه ، من إفراده بالعبادة ،
وكذا أنواع الشرك ، وخطره ، والتحذير منه ، وما يجب على العبد من إثباتِ ما أثبته الله U لنفسه ، من أسماء
وصفات ، وما أثبته رسولُه e ، وما يتعلق ببقيةِ أركانِ الإيمان ، وهي الإيمان بالملائكة ، والكتب ، والرسل ،
واليوم الآخر ، والقضاء والقدر ، والرد على الفرق المخالفة في ذلك .
ويلحظ النَّاظرُ في هذه المفردات أنَّها ليست قاصرةً على إثباتِ وحدانيةِ الله تعالى ، وهذا صحيح ، ولكن
توحيده سبحانه لما كان أهم موضوعاتِ هذا العلم ، وجزءه الذي لا يتم ولا يصح ولا يُقبل إلا به أُطلق على
الكلِّ اسمُ الجزء ، إظهاراً لأهميته ، وأنَّه سبب قيام الكل ، وسر وجوده ، ومادة صلاحه ، ومرجع كلِّ موضوعاته
، لأنَّه إذا صلح التوحيد تتابعت البقيةُ في الصلاح ، لذلك كان التوحيدُ دعوةَ جميع الرسل ، قال الله تعالى
] ولقد بعثنا في كلِّ أُمَّةٍ رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت [ وقال عزَّ مِن قائل ] وما أرسلنا من قبلك من
رسولٍ إلا نوحي إليه أنَّه لا إله إلا أنا فاعبدون [ .
1 التعليقات:
اللهم اجعلنا من الموحدين ... اللهم احينا علي التوحيد وامتنا عليه وابعثنا عليه واحشرنا في زمرة امام الموحدين صلي الله عليه وسلم