الاختلاط خطبة للشيخ الدكتور : محمد بن عبد الرحمن العريفي
الاختلاط
نبذة مختصرة :
بين الشيخ في هذه الخطبة عشرون دليلاً على حرمة اختلاط الرجال بالنساء من الكتاب والسنة، وسبب الخطبة ادعاء بعض الناس أنه لا دليل ينص على حرمة الاختلاط بين الرجال والنساء في الإسلام وإنما المحرم هو خلوة الرجل بالمرأة، لكن هذا الادعاء غير مبني على دليل شرعي ويعارض أدلة كثيرة جداً ذكر بعضاً منها الشيخ العريفي في هذه الخطبة العلمية
أختاه هل تريدين السعادة ؟ - محاضرة للشيخ علي القرني
أختاه هل تريدين السعادة ؟
محاضرة للشيخ : علي عبد الخالق القرني
مقدمة :
أيتها الأخوات أيتها الأمهات هل تُردْن السعادة؟ هل تُردْن السكينة؟ هل تُردْن الأمن والطمأنينة؟ هل تُردْن ذلك في الدنيا والآخرة؟ أم تُردْنها في وقت غير وقت من هذه الأوقات؟ إني لأقول لَكنَّ: إن السعادة سعادتان؛ دنيوية مؤقَّتة بعمر قصير محدود، من طلبها مجردة وحدها فسينسى ذلك في غمسة واحدة يُغمسها في جهنم. يُؤتَى بأَنعَم أهل الدنيا من أهل النار فيغمس في النار غمسة، ثم يقال له: هل مرَّ بك خير قط؟ هل مرَّ بك نعيم قط؟ فيقول: لا والله يا رب. فينسى كل نعيم ولذة في الحياة بغمسة واحدة يُغمسها في النار. نعوذ بالله من النار. أما السعادة الثانية: فهي سعادة أخروية دائمة لا انقطاع لها -أبدًا- وهذه هي المطلوبة. فلو حصل للإنسان في حياته ما حصل من التعاسة والشقاء لم يكن بعد ذلك نادمًا أبدًا؛ لأن غمسة واحدة في الجنة تُنسيه تلك الآلام، وتُنسيه ذلك الشقاء وتلك التعاسة.
مكانة المرأة في الجاهلية
وصايا للمرأة المسلمة
نماذج من النساء الصالحات
المؤامرة الكبرى على المرأة المسلمة
أخبار وأحداث مؤلمة
أسماء بنت أبي بكر وحملها هم الإسلام
تحذير للنساء وتذكير ونذير
الأسئلة
عناصر المحاضرة :
أنواع السعادةمكانة المرأة في الجاهلية
وصايا للمرأة المسلمة
نماذج من النساء الصالحات
المؤامرة الكبرى على المرأة المسلمة
أخبار وأحداث مؤلمة
أسماء بنت أبي بكر وحملها هم الإسلام
تحذير للنساء وتذكير ونذير
الأسئلة
نصائح عامة مهمة للمسلمين من عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله
من عبدالعزيز بن عبدالله بن باز إلى من يراه من المسلمين، سلك الله بي وبهم سبيل عباده المؤمنين، وأعاذني وإياهم من طريق المغضوب عليهم والضالين. آمين.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته: أما بعد، فالموجب لهذا هو النصيحة والتذكير عملا بقول الله تعالى: (وذكّر فإن الذكرى تنفع المؤمنين) الذاريات:55 وقوله تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) المائدة:2 وقوله سبحانه: (والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) سورة العصر، وقول النبي الدين النصيحة قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: (لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم) رواه مسلم
ففي هذه الآيات المحكمات والحديث الشريف، صريح الدلالة على مشروعية التذكير والتناصح، والتواصي بالحديث الشريف، صريح الدلالة على مشروعية التذكير والتناصح، والتواصي بالحق والدعوة إليه، وذلك لما يترتب عليه من نفع المؤمنين، وتعليم الجاهل، وإرشاد الضال، وتنبيه الغافل، وتذكير الناس، وتحريض العالم على العمل بما يعلم، وغير ذلك من المصالح الكثيرة.
والله سبحانه وتعالى إنما خلق الخلق ليعبدوه ويطيعوه وأرسل الرسل مذكرين بذلك ومبشرين ومنذرين، كما قال تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) الذاريات:56 وقال تعالى: (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن توليتم فإنما على رسولنا البلاغ المبين) التغابن:12 وقال تعالى: (رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل) النساء: 165 وقال تعالى: (فذكر إنما أنت مذكر) الغاشية:21
فالواجب على كل من لديه علم أن يذكّر بذلك، وأن يناصح في الله ويدعو إليه حسب الطاقة، أداءً لواجب التبليغ والدعوة، وتأسيا بالرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام، وحذرا من إثم الكتمان الذي قد أوعد الله عيه في محكم القرآن، كما قال تعالى: (إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون) البقرة:159
وقد صح عن النبي أنه قال: (من دل على خير فله مثل أجر فاعله) وقال عليه الصلاة والسلام: (من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا) رواهما مسلم في صحيحه.
إذا عرف ما تقدم، فالذي أوصيكم به ونفسي: تقوى الله سبحانه في السر والعلانية، والشدة والرخاء، فإنها وصية الله وصية رسوله كما قال تعالى: (ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله) النساء: 131 وكان النبي يقول في خطبة: (أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة) .
والتقوى كلمة جامعة، مع الخير كله، وحقيقتها أداء ما أوجب الله، واجتناب ما حرمه الله على وجه الإخلاص له والحبة، والرغبة في ثوابه، والحذر من عقابه، وقد أمر الله عباده بالتقوى ووعدهم عليها بتيسير الأمور، وتفريج الكروب، وتسهيل الرزق، وغفران السيئات والفوز بالجنات، قال تعالى: (يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم) الحج:1 وقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون) الحشر:18 وقال تعالى: (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا) الطلاق:2،3 وقال تعالى: (إن للمتقين عند ربهم جنات النعيم) القلم: 34 وقال تعالى: (ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا) الطلاق: 5 والآيات في هذا المعنى كثيرة.
فيا معشر المسلمين، راقبوا الله سبحانه، وبادروا إلى التقوى في جميع الحالات، وحاسبوا أنفسكم عند جميع أقوالكم وأعمالكم ومعاملاتكم، فما كان من ذلك سائغا في الشرع فلا بأس من تعاطيه، وما كان منها محظورا في الشرع فاحذروه وإن ترتب عليه طمع كثير، فإن ما عند الله خير وأبقى، ومن ترك شيئا اتقاء الله عوضه الله خيرا منه، ومتى راقب العباد ربهم واتقوه سبحانه بفعل ما أمر وترك ما نهى، أعطاهم الله سبحانه ما رتب على التقوى من العزة والفلاح والرزق الواسع، والخروج من المضايق، والسعادة والنجاة في الدنيا والآخرة.
ولا يخفى على كل ذي لب وأدنى بصيرة ما قد أصاب أكثر المسلمين من قسوة القلوب والزهد في الآخرة، والإعراض عن أسباب النجاة، والإقبال على الدنيا وأسباب تحصيلها بكل حرص وجشع من دون تميز بين ما يحل ويحرم، وانهماك الأكثرين في الشهوات، وأنواع اللهو والغفلة، وما ذلك إلا بسبب إعراض القلوب عن الآخرة، وغفلتها عن ذكر الله ومحبته، وعن التفكر في آلائه ونعمه، وآياته الظاهرة والباطنة، وعدم الاستعداد للقاء الله وتذكر الوقوف بين يديه والانصراف من الموقف العظيم إما إلى الجنة وإما إلى النار.
فيا معشر المسلمين تداركوا أنفسكم وتوبوا إلى ربكم، وتفقهوا في دينكم، وبادروا إلى أداء ما أوجب الله عليكم، واجتنبوا ما حرم عليكم، لتفوزوا بالعز والأمن والهداية والسعادة في الدنيا والآخرة، وإياكم والانكباب على الدنيا وإيثارها على الآخرة، فإن ذلك من صفة أعداء الله وأعدائكم من الكفرة والمنافقين، ومن أعظم أسباب العذاب في الدنيا والآخرة، كما قال تعالى في صفة أعدائه: (إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يوماً ثقيلا) الإنسان 27 وقوله تعالى (فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون) التوبة: 55 وأنتم لم تخلقوا للدنيا، وإنما خلقتم للآخرة، وأمرتم بالتزود لها، وخلقت الدنيا لكم، لتستعينوا بها على عبادة الله الذي خلقكم سبحانه، والاستعداد للقائه، فتستحقوا بذلك فضله وكرامته، وجواره في جنات النعيم.
فقبيح بالعاقل أن يعرض عن عبادة خالقه ومربيه، وعما أعده له من الكرامة، ويشتغل عن ذلك بإيثار شهواته البهيمية، والجشع على تحصيل عرض الدنيا الزائل، الذي قد ضمن الله له ما هو خير منه وأحسن عاقبة في الدنيا والآخرة، وليحذر كل مسلم أن يغتر بالأكثرين، ويقول: إن الناس قد ساروا إلى كذا واعتادوا كذا فأنا معهم، فإن هذه مصيبة عظمى قد هلك بها أكثر الماضين، ولكن- أيها العاقل- عليك بالنظر لنفسك ومحاسبتها والتمسك بالحق وإن تركه الناس، والحذر مما نهى الله عنه وإن فعله الناس، فالحق أحق بالاتباع كما قال تعالى: (وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون) الأنعام:116 وقال تعالى: (وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين) يوسف:103 وقال بعض السلف رحمهم الله: لا تزهد في الحق لقلة السالكين، ولا تغتر بالباطل لكثرة الهالكين.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته: أما بعد، فالموجب لهذا هو النصيحة والتذكير عملا بقول الله تعالى: (وذكّر فإن الذكرى تنفع المؤمنين) الذاريات:55 وقوله تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) المائدة:2 وقوله سبحانه: (والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) سورة العصر، وقول النبي الدين النصيحة قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: (لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم) رواه مسلم
ففي هذه الآيات المحكمات والحديث الشريف، صريح الدلالة على مشروعية التذكير والتناصح، والتواصي بالحديث الشريف، صريح الدلالة على مشروعية التذكير والتناصح، والتواصي بالحق والدعوة إليه، وذلك لما يترتب عليه من نفع المؤمنين، وتعليم الجاهل، وإرشاد الضال، وتنبيه الغافل، وتذكير الناس، وتحريض العالم على العمل بما يعلم، وغير ذلك من المصالح الكثيرة.
والله سبحانه وتعالى إنما خلق الخلق ليعبدوه ويطيعوه وأرسل الرسل مذكرين بذلك ومبشرين ومنذرين، كما قال تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) الذاريات:56 وقال تعالى: (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن توليتم فإنما على رسولنا البلاغ المبين) التغابن:12 وقال تعالى: (رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل) النساء: 165 وقال تعالى: (فذكر إنما أنت مذكر) الغاشية:21
فالواجب على كل من لديه علم أن يذكّر بذلك، وأن يناصح في الله ويدعو إليه حسب الطاقة، أداءً لواجب التبليغ والدعوة، وتأسيا بالرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام، وحذرا من إثم الكتمان الذي قد أوعد الله عيه في محكم القرآن، كما قال تعالى: (إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون) البقرة:159
وقد صح عن النبي أنه قال: (من دل على خير فله مثل أجر فاعله) وقال عليه الصلاة والسلام: (من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا) رواهما مسلم في صحيحه.
إذا عرف ما تقدم، فالذي أوصيكم به ونفسي: تقوى الله سبحانه في السر والعلانية، والشدة والرخاء، فإنها وصية الله وصية رسوله كما قال تعالى: (ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله) النساء: 131 وكان النبي يقول في خطبة: (أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة) .
والتقوى كلمة جامعة، مع الخير كله، وحقيقتها أداء ما أوجب الله، واجتناب ما حرمه الله على وجه الإخلاص له والحبة، والرغبة في ثوابه، والحذر من عقابه، وقد أمر الله عباده بالتقوى ووعدهم عليها بتيسير الأمور، وتفريج الكروب، وتسهيل الرزق، وغفران السيئات والفوز بالجنات، قال تعالى: (يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم) الحج:1 وقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون) الحشر:18 وقال تعالى: (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا) الطلاق:2،3 وقال تعالى: (إن للمتقين عند ربهم جنات النعيم) القلم: 34 وقال تعالى: (ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا) الطلاق: 5 والآيات في هذا المعنى كثيرة.
فيا معشر المسلمين، راقبوا الله سبحانه، وبادروا إلى التقوى في جميع الحالات، وحاسبوا أنفسكم عند جميع أقوالكم وأعمالكم ومعاملاتكم، فما كان من ذلك سائغا في الشرع فلا بأس من تعاطيه، وما كان منها محظورا في الشرع فاحذروه وإن ترتب عليه طمع كثير، فإن ما عند الله خير وأبقى، ومن ترك شيئا اتقاء الله عوضه الله خيرا منه، ومتى راقب العباد ربهم واتقوه سبحانه بفعل ما أمر وترك ما نهى، أعطاهم الله سبحانه ما رتب على التقوى من العزة والفلاح والرزق الواسع، والخروج من المضايق، والسعادة والنجاة في الدنيا والآخرة.
ولا يخفى على كل ذي لب وأدنى بصيرة ما قد أصاب أكثر المسلمين من قسوة القلوب والزهد في الآخرة، والإعراض عن أسباب النجاة، والإقبال على الدنيا وأسباب تحصيلها بكل حرص وجشع من دون تميز بين ما يحل ويحرم، وانهماك الأكثرين في الشهوات، وأنواع اللهو والغفلة، وما ذلك إلا بسبب إعراض القلوب عن الآخرة، وغفلتها عن ذكر الله ومحبته، وعن التفكر في آلائه ونعمه، وآياته الظاهرة والباطنة، وعدم الاستعداد للقاء الله وتذكر الوقوف بين يديه والانصراف من الموقف العظيم إما إلى الجنة وإما إلى النار.
فيا معشر المسلمين تداركوا أنفسكم وتوبوا إلى ربكم، وتفقهوا في دينكم، وبادروا إلى أداء ما أوجب الله عليكم، واجتنبوا ما حرم عليكم، لتفوزوا بالعز والأمن والهداية والسعادة في الدنيا والآخرة، وإياكم والانكباب على الدنيا وإيثارها على الآخرة، فإن ذلك من صفة أعداء الله وأعدائكم من الكفرة والمنافقين، ومن أعظم أسباب العذاب في الدنيا والآخرة، كما قال تعالى في صفة أعدائه: (إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يوماً ثقيلا) الإنسان 27 وقوله تعالى (فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون) التوبة: 55 وأنتم لم تخلقوا للدنيا، وإنما خلقتم للآخرة، وأمرتم بالتزود لها، وخلقت الدنيا لكم، لتستعينوا بها على عبادة الله الذي خلقكم سبحانه، والاستعداد للقائه، فتستحقوا بذلك فضله وكرامته، وجواره في جنات النعيم.
فقبيح بالعاقل أن يعرض عن عبادة خالقه ومربيه، وعما أعده له من الكرامة، ويشتغل عن ذلك بإيثار شهواته البهيمية، والجشع على تحصيل عرض الدنيا الزائل، الذي قد ضمن الله له ما هو خير منه وأحسن عاقبة في الدنيا والآخرة، وليحذر كل مسلم أن يغتر بالأكثرين، ويقول: إن الناس قد ساروا إلى كذا واعتادوا كذا فأنا معهم، فإن هذه مصيبة عظمى قد هلك بها أكثر الماضين، ولكن- أيها العاقل- عليك بالنظر لنفسك ومحاسبتها والتمسك بالحق وإن تركه الناس، والحذر مما نهى الله عنه وإن فعله الناس، فالحق أحق بالاتباع كما قال تعالى: (وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون) الأنعام:116 وقال تعالى: (وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين) يوسف:103 وقال بعض السلف رحمهم الله: لا تزهد في الحق لقلة السالكين، ولا تغتر بالباطل لكثرة الهالكين.
هذا ويسرني أن أختم نصيحتي هذه بخمسة أمور هي جماع الخير كله:
الأول: الإخلاص لله وحده في جميع القربات القولية والعملية، والحذر من الشرك كله دقيقة وجليله، وهذا هو أوجب الواجبات وأهم الأمور، وهو معنى شهادة أن لا إله إلا الله، ولا صحة لأعمال العبادة وأقوالهم إلا بعد صحة هذا الأصل وسلامته، كما قال تعالى: (ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين) الزمر: 65
الأمر الثاني: التفقه في القرآن وسنة الرسول والتمسك بهما، وسؤال أهل العلم عن كل ما أشكل عليكم في أمر دينكم، وهذا واجب على كل مسلم ليس له تركه والإعراض عنه والسير وراء رأيه وهواه بدون علم وبصيرة، وهذا معنى شهادة أن محمدا رسول الله فإن هذه الشهادة توجب على العبد الإيمان بأن محمدا هو رسول الله حقا، والتمسك بما جاء به وتصديقه فيما أخبر به، وألا يعبد الله سبحانه إلا بما شرع على لسان رسوله كما قال سبحانه: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله يغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم) آل عمران: 31 وقال سبحانه: (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) الحشر: 7 وقال (من أحداث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) متفق على صحته، وقال أيضا : (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) أخرجه مسلم في صحيحه.
وكل من أعرض عن القرآن والسنة، فهو متابع لهواه عاص لمولاه مستحق للمقت والعقوبة كما قال تعالى: (فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله ) القصص:50 وقال تعالى في وصف الكفار: (إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى ) النجم:23 واتباع الهوى - والعياذ بالله - يطمس نور القلب، ويصد عن الحق، كما قال تعالى: (ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله) ص:26
فاحذروا - رحمكم الله - اتباع الهوى، والإعراض عن الهدى، وعليكم بالتمسك بالحق والدعوة إليه، والحذر ممن خالفه، لتفوزوا بخيري الدنيا والآخرة.
الأمر الثالث : إقامة الصلوات الخمس والمحافظة عليها في الجماعة، فإنها أهم الواجبات وأعظمها بعد الشهادتين، وهي عمود الدين والركن الثاني من أركان الإسلام، وهي أول شيء يحاسب عليه العبد من عمله يوم القيامة، فمن حفظها فقد حفظ دينه، ومن تركها فارق الإسلام، فما أعظم حسرته وأسوأ عاقبته يوم الوقوف بين يدي الله . فعليكم - رحمكم الله - بالمحافظة عليها والتواصي بذلك، والإنكار على من تخلف عنها وهجره، لأن ذلك من التعاون على البر والتقوى، وقد صح عن النبي (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر) أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بسند صحيح، وقال النبي (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، وقال (من رأى منكم منكر فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) أخرجه مسلم في الصحيح.
الأمر الرابع: العناية بالزكاة والحرص على أدائها كما أوجب الله، لكونها الركن الثالث من أركان الإسلام. فيجب على كل فرد من المسلمين المكلفين إحصاء ما لديه من المال الزكوي، وضبطه وإخراج زكاته كلما حال عليه الحول، إذا بلغ نصاب الزكاة، ويكون طيب النفس بذلك، منشرح الصدر، أداءً لما أوجبه الله، وشكرا لنعمته، وإحسانا إلى عباد الله . ومتى فعل المسلم ذلك، ضاعف الله له الأجر، وأخلف عليه ما أنفق، وبارك له في الباقي، وزكاه وطهره، كما قال الله سبحانه: (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها) التوبة: 103 ومتى بخل بالزكاة وتهاون بأمرها، غضب الله عليه، ونزع بركة ماله وسلط عليه أسباب التلف والإنفاق في غير الحق، وعذبه به يوم القيامة، كما قال تعالى: (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم) التوبة: 34 وكل مال لا تؤدى زكاته فهو كنز يعذب به صاحبه يوم القيامة، أعاذنا الله وإياكم من ذلك.
أما غير المكلف من المسلمين، كالصغير، والمجنون، فالواجب على وليه العناية بإخراج زكاة ماله كلما حال عليه الحول، لعموم الأدلة من الكتاب والسنة الدالة على وجوب الزكاة في مال المسلم مكلفا كان أو غير مكلف.
الأمر الخامس: يجب على كل مكلف من المسلمين - ذكرا كان أو أنثى - أن يطيع الله ورسوله في كل ما أمر الله ورسوله: كصيام رمضان وحج البيت مع الاستطاعة وسائر ما أمر الله به ورسوله، وأن يعظم حرمات الله، ويتفكر فيما خلق لأجله وأمر به، ويحاسب نفسه في ذلك دائما، فإن كان قد قام بما أوجب الله عليه فرح بذلك، وحمد الله عليه، وسأله الثبات، وأخذ حذره من الكبر والعجب وتزكية النفس. وإن كان قد قصر فيما أوجب عليه، أو ارتكب بعض ما حرم الله عليه، بادر إلى الله بالتوبة الصادقة، والندم والاستقامة على أمر الله، والإكثار من الذكر والاستغفار والضراعة إلى الله سبحانه وسؤاله التوبة من سالف الذنوب، والتوفيق لصالح القول والعمل، ومتى وفق العبد لهذا الأمر العظيم فذلك عنوان ساعدته ونجاته في الدنيا والآخرة، ومتى غفل عن نفسه وسار وراء هواه وشهواته، وأعرض عن الاستعداد لآخرته فذلك عنوان هلاكه، ودليل خسرانه.
فينظر كل منكم لنفسه، وليحاسبها ويفتش عن عيوبها فسوف يجد ما يحزنه ويشغله بنفسه عن غيره، ويوجب له الذل لله والانكسار بين يديه وسؤاله العفو والمغفرة. وهذه المحاسبة وهذا الذل والانكسار بين يدي الله هو سبب السعادة والفلاح والعز في الدنيا والآخرة.
وليعلم كل مسلم: أن كل ما حصل له من صحة ونعمة وجاه رفيع، وخصب ورخاء فهو من فضل الله وإحسانه. وكل ما أصابه من مرض أو مصيبة أو فقر أو جدب أو تسليط عدو أو غير ذلك من المصائب، فهو بسبب الذنوب والمعاصي .
فجميع ما في الدنيا والآخرة من العذاب والآلام وأسبابهما: فبسبب معصية الله، ومخالفة أمره، والتهاون في حقه، كما قال تعالى: (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير) الشورى: 30 وقال تعالى: (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون) الروم:41
فاتقوا الله عباد الله، وعظموا أمره ونهيه، وبادروا بالتوبة إليه من جميع ذنوبكم واعتمدوا عليه وحده، وتوكلوا عليه، فإنه خالق الخلق ورازقهم، ونواصيهم بيده سبحانه، لا يملك أحد منهم لنفسه ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا.
وقدموا - رحمكم الله - حق ربكم وحق رسوله على حق غيره وطاعة غيره كائنا من كان، وتآمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر، وأحسنوا الظن بالله، وأكثروا من ذكره واستغفاره، وتعاونوا على البر والتقوى، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان، وخذوا على أيدي سفهائكم وألزموهم بما أمرهم الله به، وامنعوهم عما نهى الله عنه، وأحبوا في الله، وأبغضوا في الله، ووالوا أولياء الله وعادوا أعداء الله، واصبروا وصابروا حتى تلقوا ربكم فتفوزوا بغاية السعادة والكرامة والعزة والمنازل العالية في جنات النعيم.
والله المسؤول أن يوفقنا وإياكم لما يُرضه، وأن يصلح قلوب الجميع، ويعمرها بخشيته ومحبته وتقواه، والنصح له ولعباده، وأن يعيذنا وإياكم من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، وأن يوفق ولاة أمرنا وسائر ولاة أمر المسلمين لما يرضيه، وأن ينصر بهم الحق ويخذل بهم الباطل، وأن يعيذ الجميع من مضلات الفتن، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته … وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
عبد العزيز بن عبد الله بن باز (رحمه الله تعالى)
ضوابط العبادة الصحيحة للشيخ : صالح بن فوزان الفوزان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
:::ضوابط العبادة الصحيحة :::
:::للشيخ : صالح بن فوزان الفوزان:::
:::ضوابط العبادة الصحيحة :::
:::للشيخ : صالح بن فوزان الفوزان:::
الحمد لله رب العالمين، أكمل لنا الدين، وأتم علينا النعمة، ورضي لنا الإسلام ديناً، وأمرنا بالتمسك به إلى الممات: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ
[آل عمران:102].
[آل عمران:102].
وتلك وصية إبراهيم ويعقوب لبنيه: وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ [البقرة:132].
خلق الله الجن والإنس لعبادته كما قال تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56]. وفي ذلك شرفهم وعزهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة، لأنهم بحاجة إلى ربهم، ولا غنى لهم عنه طرفة عين، وهو غنى عنهم وعن عبادتهم كما قال تعالى: إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ [الزمر:7] وقال تعالى: وَقَالَ مُوسَى إِن تَكْفُرُواْ أَنتُمْ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ [ابراهيم:8].
-------
خلق الله الجن والإنس لعبادته كما قال تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56]. وفي ذلك شرفهم وعزهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة، لأنهم بحاجة إلى ربهم، ولا غنى لهم عنه طرفة عين، وهو غنى عنهم وعن عبادتهم كما قال تعالى: إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ [الزمر:7] وقال تعالى: وَقَالَ مُوسَى إِن تَكْفُرُواْ أَنتُمْ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ [ابراهيم:8].
-------
والعبادة هي: التقرب إلى الله تعالى بما شرعه من الأعمال والأقوال الظاهرة والباطنة، وهي حق الله على خلقه وفائدتها تعود إليهم، فمن أبى أن يعبد الله فهو مستكبر، ومن عبد الله وعبد معه غيره فهو مشرك، ومن عبد الله وحده بغير ما شرع فهو مبتدع، ومن عبد الله وحده بما شرع فهو المؤمن الموحد.
ولما كان العباد في ضرورة إلى العبادة، ولا يمكنهم أن يعرفوا بأنفسهم حقيقتها التي ترضي الله سبحانه وتوافق دينه لم يكلهم إلى أنفسهم، بل أرسل إليهم الرسل، وأنزل الكتب لبيان حقيقة تلك العبادة، كما قال تعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ [النحل:36].
وقال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ
[الأنبياء:25].
فمن حاد عما بينته الرسل ونزلت به الكتب من عبادة الله، وعبَدَ الله بما يملي عليه ذوقه، وما تهواه نفسه وما زينته له شياطين الإنس والجن، فلقد ضل عن سبيل الله ولم تكن عبادته في الحقيقة عبادةً لله بل هي عبادة لهواه وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ [القصص:50].
وهذا الجنس كثير في البشر وفي طليعتهم النصارى ومن ضل من فرق هذه الأمة، فإنهم اختطوا لأنفسهم خطة في العبادة مخالفة لما شرعه الله في كثير من شعاراتهم، وهذا يتضح ببيان حقيقة العبادة التي شرعها الله على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتبين أن كل ما خالفها فهو باطل، وإن زعم من أتى به أنه يقربه إلى الله فهو يبعده عن الله.
ولما كان العباد في ضرورة إلى العبادة، ولا يمكنهم أن يعرفوا بأنفسهم حقيقتها التي ترضي الله سبحانه وتوافق دينه لم يكلهم إلى أنفسهم، بل أرسل إليهم الرسل، وأنزل الكتب لبيان حقيقة تلك العبادة، كما قال تعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ [النحل:36].
وقال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ
[الأنبياء:25].
فمن حاد عما بينته الرسل ونزلت به الكتب من عبادة الله، وعبَدَ الله بما يملي عليه ذوقه، وما تهواه نفسه وما زينته له شياطين الإنس والجن، فلقد ضل عن سبيل الله ولم تكن عبادته في الحقيقة عبادةً لله بل هي عبادة لهواه وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ [القصص:50].
وهذا الجنس كثير في البشر وفي طليعتهم النصارى ومن ضل من فرق هذه الأمة، فإنهم اختطوا لأنفسهم خطة في العبادة مخالفة لما شرعه الله في كثير من شعاراتهم، وهذا يتضح ببيان حقيقة العبادة التي شرعها الله على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتبين أن كل ما خالفها فهو باطل، وإن زعم من أتى به أنه يقربه إلى الله فهو يبعده عن الله.
إن العبادة التي شرعها الله سبحانه وتعالى تنبني على أصول وأسس ثابته تتلخص فيما يلي:
أولاً: أنها توقيفية ـ بمعنى أنه لا مجال للرأي فيها بل لابد أن يكون المشرع لها هو الله سبحانه وتعالى أو رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى لنبيه: فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْا [هود:112]، وقال تعالى: ثُمّ جَعَلنَاكَ عَلَى شَريعَةٍ مِنَ الأمرِ فاتّبِعها ولا تَتّبعِ أهَواءَ الذينَ لا يَعلمُون [الجاثية:18]. وقال عن نبيه: إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ [الأنعام: 50].
ثانياً: لا بد أن تكون العبادة خالصة لله تعالى من شوائب الشرك، كما قال تعالى: فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً [الكهف:110].
فإن خالط العبادة شيء من الشرك أبطلها، كما قال تعالى: وَلَو أشرَكُوا لَحَبِط عَنهُم مَا كانُوا يَعَملُون [الأنعام:88]، وقال تعالى: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65) بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنْ الشَّاكِرِينَ [الزمر:66،65].
ثالثاً: لا بد أن يكون القدوة في العبادة والمبين لها رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب:20]، وقال تعالى: ومَاءَ اتاكُمُ الرّسُولُ فَخُذُوهُ وما نَهاكُم عَنهُ فانَتّهُوا [الحشر:7].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : { من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رده }. وقوله صلى الله عليه وسلم : { صلوا كما رأيتموني أصلي }. وقوله: { خذوا عني مناسككم } إلى غير ذلك من النصوص الدالة على وجوب الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم دون سواه.
رابعاً: أن العبادة محدودة بمواقيت ومقادير لا يجوز تعديها وتجاوزها كالصلاة مثلاً، قال تعالى: إن الصّلاةَ كانَتَ على المُؤمِنِينَ كِتاباً مَوقُوتاً [النساء:103].
وكالحج، قال تعالى: الحَجُ أشهُرٌ مَعلومَاتٌ [البقرة:197].
وكالصوم، قال تعالى: شََهرُ رمَضَانَ الّذي أنزلَ فيهِ القُرءَانُ هُدًى للنّاسِ وبَيناتٍ مِنَ الهُدى والفُرقان فَمنَ شَهدَ مِنكُمُ الشَهرَ فليَصُمهُ [البقرة:185]. فلا تصح هذه العبادات في غير مواقيتها.
خامساً: لابد أن تكون العبادة قائمة على محبة الله تعالى، والذل له، وخوفه ورجائه، قال تعالى:
أولئِكَ الّذِينَ يَدعُونَ يَبتَغُونَ إلى رَبِهِمُ الوَسِيلَةَ أيّهُم أقرَبُ وَيَرجُونَ رَحمَتَهُ ويًخافُونَ عَذابَهُ
[الإسراء:57].
وقال تعالى عن أنبيائه: إنّهُم كَانُوا يُسَارِعُونَ في الخَيَراتِ ويَدَعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وكانُوا لنا خَاشِعِينَ [الأنبياء:90].
وقال تعالى: قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (31) قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ [آل عمران:32،31].
فذكر سبحانه علامات محبة الله وثمراتها.
أما علاماتها: فاتباع الرسول صلى الله عليه وسلم وطاعة الله، وطاعة الرسول.
أما ثمراتها: فنيل محبة الله سبحانه ومغفرة الذنوب، والرحمة منه سبحانه وتعالى.
سادساً: أن العبادة لا تسقط عن المكلف من بلوغه عاقلاً إلى وفاته، قال تعالى: وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ [آل عمران:102]، وقال: واعَبدَ ربَكَ حتَى يأتِيك الَيقِين [الحجر:99].
أولاً: أنها توقيفية ـ بمعنى أنه لا مجال للرأي فيها بل لابد أن يكون المشرع لها هو الله سبحانه وتعالى أو رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى لنبيه: فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْا [هود:112]، وقال تعالى: ثُمّ جَعَلنَاكَ عَلَى شَريعَةٍ مِنَ الأمرِ فاتّبِعها ولا تَتّبعِ أهَواءَ الذينَ لا يَعلمُون [الجاثية:18]. وقال عن نبيه: إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ [الأنعام: 50].
ثانياً: لا بد أن تكون العبادة خالصة لله تعالى من شوائب الشرك، كما قال تعالى: فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً [الكهف:110].
فإن خالط العبادة شيء من الشرك أبطلها، كما قال تعالى: وَلَو أشرَكُوا لَحَبِط عَنهُم مَا كانُوا يَعَملُون [الأنعام:88]، وقال تعالى: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65) بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنْ الشَّاكِرِينَ [الزمر:66،65].
ثالثاً: لا بد أن يكون القدوة في العبادة والمبين لها رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب:20]، وقال تعالى: ومَاءَ اتاكُمُ الرّسُولُ فَخُذُوهُ وما نَهاكُم عَنهُ فانَتّهُوا [الحشر:7].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : { من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رده }. وقوله صلى الله عليه وسلم : { صلوا كما رأيتموني أصلي }. وقوله: { خذوا عني مناسككم } إلى غير ذلك من النصوص الدالة على وجوب الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم دون سواه.
رابعاً: أن العبادة محدودة بمواقيت ومقادير لا يجوز تعديها وتجاوزها كالصلاة مثلاً، قال تعالى: إن الصّلاةَ كانَتَ على المُؤمِنِينَ كِتاباً مَوقُوتاً [النساء:103].
وكالحج، قال تعالى: الحَجُ أشهُرٌ مَعلومَاتٌ [البقرة:197].
وكالصوم، قال تعالى: شََهرُ رمَضَانَ الّذي أنزلَ فيهِ القُرءَانُ هُدًى للنّاسِ وبَيناتٍ مِنَ الهُدى والفُرقان فَمنَ شَهدَ مِنكُمُ الشَهرَ فليَصُمهُ [البقرة:185]. فلا تصح هذه العبادات في غير مواقيتها.
خامساً: لابد أن تكون العبادة قائمة على محبة الله تعالى، والذل له، وخوفه ورجائه، قال تعالى:
أولئِكَ الّذِينَ يَدعُونَ يَبتَغُونَ إلى رَبِهِمُ الوَسِيلَةَ أيّهُم أقرَبُ وَيَرجُونَ رَحمَتَهُ ويًخافُونَ عَذابَهُ
[الإسراء:57].
وقال تعالى عن أنبيائه: إنّهُم كَانُوا يُسَارِعُونَ في الخَيَراتِ ويَدَعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وكانُوا لنا خَاشِعِينَ [الأنبياء:90].
وقال تعالى: قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (31) قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ [آل عمران:32،31].
فذكر سبحانه علامات محبة الله وثمراتها.
أما علاماتها: فاتباع الرسول صلى الله عليه وسلم وطاعة الله، وطاعة الرسول.
أما ثمراتها: فنيل محبة الله سبحانه ومغفرة الذنوب، والرحمة منه سبحانه وتعالى.
سادساً: أن العبادة لا تسقط عن المكلف من بلوغه عاقلاً إلى وفاته، قال تعالى: وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ [آل عمران:102]، وقال: واعَبدَ ربَكَ حتَى يأتِيك الَيقِين [الحجر:99].
والعبادة لها أنواع كثيرة فهي: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأعمال والأقوال الظاهرة والباطنة.
فالصلاة والزكاة والصيام والحجمن أعظم أنواع العبادة وهي أركان الإسلام، وكذلك الصفات الحميدة، والأخلاق الفاضلة هي من أنواع العبادة، كصدق الحديث، وأداء الأمانة، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، والوفاء بالعهد، والنصيحة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد والإحسان إلى الجار واليتيم، والمسكين والمماليك من الآدميين والبهائم والدعاء والذكر والقراءة وأعمال القلوب من حب الله ورسوله وخشية الله والإنابة إليه وإخلاص الدين له والصبر لحكمه والشكر لنعمه والرضا بقضائه والتوكل عليه والرجاء لرحمته والخوف من عذابه، فالدين كله داخل في العبادة، وأعظم أنواع العبادة أداء ما فرضه الله وتجنب ما حرمه الله تعالى، قال صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل: { وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضته عليه }.
فأداء الفرائض أفضل الأعمال كما قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ( أفضل الأعمال أداء ما افترض الله، والورع عما حرم الله وصدق الرغبة فيما عند الله )، وذلك أن الله تعالى إنما افترض على عبده الفرائض ليقربهم عنده، ويوجد لهم رضوانه ورحمته، وأعظم فرائض البدن التي تقرب إليه الصلاة كما قال تعالى: وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ [العلق:19]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم (أقرب ما يكون العبد من ربه هو ساجد )
وقال: { إذا كان أحدكم يصلي فإنما يناجي ربه }، ولكن هذه الصلاة خف ميزانها اليوم عند كثير من الناس كما قال تعالى: فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً (59) إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً [مريم:60،59].
والعجب أن بعضهم يأتي ببعض النوافل أو كثير منها، وهو مضيع للصلاة فتراه يحج ويعتمر وهو مضيع للصلاة، ومنهم من يكثر من الصدقات والتبرعات وهو لا يؤدي الزكاة المفروضة، ومنهم من يحسن أخلاقه مع الناس وهو عاق لوالديه قاطع لرحمه سيء الخلق مع زوجه، ولاشك أن العدل في الرعية من الفرائض الواجبة سواء كانت رعيته رعية عامة كالحاكم أو رعية خاصة كالرجل مع أهل بيته، قال صلى الله عليه وسلم : { كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته }، وفي صحيح مسلم عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: { إن المقسطين عند الله على منابر من نور على يمين الرحمن، وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا }.
وأعظم رعاية الأهل والأولاد أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، وإلزامهم بأداء الصلاة، ومنعهم من سماع الأغاني والمعازف والمزامير ومشاهدة الأفلام الخليعة والمسلسلات التي تحمل أفكاراً مسمومة أو تشغل عن طاعة الله وذكره، وبعض الآباء الذين هم أشباه الرجال وليسوا برجال يجلبون هذه الآفات إلى بيوتهم، ويتركونها تفتك في أخلاق أولادهم ونسائهم.
إن عباد الله حقاً هم الذين يعمرون بيوتهم بطاعة الله، ويربون أولادهم ونساءهم على عبادة الله والذّينَ يَبِيتُونَ لِرَبّهِم سُجّداً وقَياماً (64) والذّينَ يَََقُولُونَ رَبّنَا اصرِفَ عَنّا عَذَابَ جَهَنّمَ إن عَذابَها كَانَ غَرَاماً (65) إنّها سَاءَت مستَقَراً ومُقَاماَ
[الفرقان:64-66].
إن عباد الله هم الذين يدعون الله أن يصلح أزواجهم وذريتهم والذّينَ يَقُولُون رَبّنا هِبَ لنا مِن أزوَاجِنَا وذُرِيَاتنَا قُرّة أعيّن واجَعَلنَا للمُتَقِين إمَامَا [الفرقان:74]. إن العبادة لا تنحصر في حد ضيق، ولكنها تشمل كل ما شرعه الله من الأقوال والأعمال والنيات فهي تشمل أقوال اللسان، وحركات الجوارح، ومقاصد القلوب، بل تشكل كل حياة المسلم حتى أكله وشربه ونومه، إذا نوى بذلك التقوى على طاعة الله بل حتى معاشرته لزوجته إذا نوى بها التعفف عن الحرام. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : { إن بكل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وأمر بمعروف صدقة ونهي عن منكر صدقة، وفي بضع أحدكم صدقة }. قالوا: يارسول الله، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: { أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزره فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر }.
وفي حديث أبي هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: { كل يوم تطلع فيه الشمس تعدل بين اثنين صدقة، وتعين الرجل في دابته صدقة فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعة صدقة والكلمة الطيبة صدقة، وبكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة، وتميط الأذى عن الطريق صدقة } [رواه البخاري ومسلم].
فاتقوا الله عباد الله واعبدوه كما أمركم.
قال تعالى: ياأيها النَاسُ اعبُدُا ربّكُمُ الذي خَلقَكُم والذّينَ مِن قَبلِكُم لعلَكُم تَتّقٌونَ (21) الذي جَعَلَ لَكُمُ الأرضَ فِراشاً والسَمَاءَ بِنَاءً وأنَزَلَ مِنَ السَمَاءِ مَاءً فأخَرجَ بِهِ مِنَ الثمَراتِ رِزقاً لَلُم فَلا تَجعَلُوا لِلهِ أندَاداً وأنتُم تَعلَمُونَ [البقرة:22،21].
فالصلاة والزكاة والصيام والحجمن أعظم أنواع العبادة وهي أركان الإسلام، وكذلك الصفات الحميدة، والأخلاق الفاضلة هي من أنواع العبادة، كصدق الحديث، وأداء الأمانة، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، والوفاء بالعهد، والنصيحة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد والإحسان إلى الجار واليتيم، والمسكين والمماليك من الآدميين والبهائم والدعاء والذكر والقراءة وأعمال القلوب من حب الله ورسوله وخشية الله والإنابة إليه وإخلاص الدين له والصبر لحكمه والشكر لنعمه والرضا بقضائه والتوكل عليه والرجاء لرحمته والخوف من عذابه، فالدين كله داخل في العبادة، وأعظم أنواع العبادة أداء ما فرضه الله وتجنب ما حرمه الله تعالى، قال صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل: { وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضته عليه }.
فأداء الفرائض أفضل الأعمال كما قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ( أفضل الأعمال أداء ما افترض الله، والورع عما حرم الله وصدق الرغبة فيما عند الله )، وذلك أن الله تعالى إنما افترض على عبده الفرائض ليقربهم عنده، ويوجد لهم رضوانه ورحمته، وأعظم فرائض البدن التي تقرب إليه الصلاة كما قال تعالى: وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ [العلق:19]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم (أقرب ما يكون العبد من ربه هو ساجد )
وقال: { إذا كان أحدكم يصلي فإنما يناجي ربه }، ولكن هذه الصلاة خف ميزانها اليوم عند كثير من الناس كما قال تعالى: فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً (59) إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً [مريم:60،59].
والعجب أن بعضهم يأتي ببعض النوافل أو كثير منها، وهو مضيع للصلاة فتراه يحج ويعتمر وهو مضيع للصلاة، ومنهم من يكثر من الصدقات والتبرعات وهو لا يؤدي الزكاة المفروضة، ومنهم من يحسن أخلاقه مع الناس وهو عاق لوالديه قاطع لرحمه سيء الخلق مع زوجه، ولاشك أن العدل في الرعية من الفرائض الواجبة سواء كانت رعيته رعية عامة كالحاكم أو رعية خاصة كالرجل مع أهل بيته، قال صلى الله عليه وسلم : { كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته }، وفي صحيح مسلم عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: { إن المقسطين عند الله على منابر من نور على يمين الرحمن، وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا }.
وأعظم رعاية الأهل والأولاد أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، وإلزامهم بأداء الصلاة، ومنعهم من سماع الأغاني والمعازف والمزامير ومشاهدة الأفلام الخليعة والمسلسلات التي تحمل أفكاراً مسمومة أو تشغل عن طاعة الله وذكره، وبعض الآباء الذين هم أشباه الرجال وليسوا برجال يجلبون هذه الآفات إلى بيوتهم، ويتركونها تفتك في أخلاق أولادهم ونسائهم.
إن عباد الله حقاً هم الذين يعمرون بيوتهم بطاعة الله، ويربون أولادهم ونساءهم على عبادة الله والذّينَ يَبِيتُونَ لِرَبّهِم سُجّداً وقَياماً (64) والذّينَ يَََقُولُونَ رَبّنَا اصرِفَ عَنّا عَذَابَ جَهَنّمَ إن عَذابَها كَانَ غَرَاماً (65) إنّها سَاءَت مستَقَراً ومُقَاماَ
[الفرقان:64-66].
إن عباد الله هم الذين يدعون الله أن يصلح أزواجهم وذريتهم والذّينَ يَقُولُون رَبّنا هِبَ لنا مِن أزوَاجِنَا وذُرِيَاتنَا قُرّة أعيّن واجَعَلنَا للمُتَقِين إمَامَا [الفرقان:74]. إن العبادة لا تنحصر في حد ضيق، ولكنها تشمل كل ما شرعه الله من الأقوال والأعمال والنيات فهي تشمل أقوال اللسان، وحركات الجوارح، ومقاصد القلوب، بل تشكل كل حياة المسلم حتى أكله وشربه ونومه، إذا نوى بذلك التقوى على طاعة الله بل حتى معاشرته لزوجته إذا نوى بها التعفف عن الحرام. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : { إن بكل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وأمر بمعروف صدقة ونهي عن منكر صدقة، وفي بضع أحدكم صدقة }. قالوا: يارسول الله، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: { أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزره فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر }.
وفي حديث أبي هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: { كل يوم تطلع فيه الشمس تعدل بين اثنين صدقة، وتعين الرجل في دابته صدقة فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعة صدقة والكلمة الطيبة صدقة، وبكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة، وتميط الأذى عن الطريق صدقة } [رواه البخاري ومسلم].
فاتقوا الله عباد الله واعبدوه كما أمركم.
قال تعالى: ياأيها النَاسُ اعبُدُا ربّكُمُ الذي خَلقَكُم والذّينَ مِن قَبلِكُم لعلَكُم تَتّقٌونَ (21) الذي جَعَلَ لَكُمُ الأرضَ فِراشاً والسَمَاءَ بِنَاءً وأنَزَلَ مِنَ السَمَاءِ مَاءً فأخَرجَ بِهِ مِنَ الثمَراتِ رِزقاً لَلُم فَلا تَجعَلُوا لِلهِ أندَاداً وأنتُم تَعلَمُونَ [البقرة:22،21].
:::والله اسأل ان ينفعني واياكم به :::
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)