اذكـآر وأدعيـة   دعاء من أصابته مصيبة   .. ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول كما أمره الله إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها إلا أخلف الله له خيراً منها (رواه مسلم632/2)   دعاء الهم والحزن    .. ما أصاب عبداُ هم و لا حزن فقال : اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماضِ في حكمك ، عدل في قضاؤك أسالك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك ، أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ، ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي " . إلا أذهب الله حزنه وهمه وأبدله مكانه فرحاً رواه أحمد وصححها لألباني.لكلم الطيب ص74 اللهم إني أعوذ بك من الهم والخزن ، والعجز والكسل والبخل والجبن ، وضلع الدين وغلبة الرجال ". كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من هذا الدعاء   دعاء الغضب    .. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم رواة مسلم .2015/4   دعاء الكرب    .. لاإله إلا الله العظيم الحليم ، لاإله إلا الله رب العرش العظيم ، لاإله إلا الله رب السموات ورب العرش الكريم متفق عليه قال صلى الله عليه وسلم دعاء المكروب : اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين ِ وأصلح لي شأني كله لاإله إلا أنت الله ، الله ربي لاأشرك به شيئاً صحيح . صحيح سنن ابن ماجه(959/3) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" دعوة النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت :" لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين لم يدع بها رجل مسلم في شئ قط إلا استجاب الله له . صحيح .صحيح الترمذي 168/3   دعاء الفزع    .. لا إله إلا الله متفق عليه   ما يقول ويفعل من أذنب ذنباً    .. ما من عبد يذنب ذنباً فيتوضأ فيحسن الطهور ، ثم يقوم فيصلي ركعتين ، ثم يستغفر الله لذلك الذنب إلا غُفر له صحيح صحيح الجامع 173/5   من استصعب عليه أمر    .. اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً رواة ابن السني وصححه الحافظ . الأذكار للنووي ص 106   ما يقول ويفعل من أتاه أمر يسره أو يكرهه    .. كان رسول الله عليه وسلم إذا أتاه أمر ه قال :الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات و إذا أتاه أمر يكرهه قال : الحمد الله على كل حال صحيح صحيح الجامع 201/4 كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه أمر يسره أو يُسر به خر ساجداً شكراً لله تبارك وتعالى حسن . صحيح ابن ماجه 233/1)   مايقول عند التعجب والأمر السار    .. سبحان الله متفق عليه الله أكبر البخاري الفتح441/8   في الشيء يراه ويعجبه ويخاف عليه العين    .. إذا رأى أحدكم من نفسه أو ماله أو أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة ، فإن العين حق صحيح. صحيح الجامع 212/1.سنن أبي داود286/1 . اللهم اكفنيهم بما شئت رواه مسلم 2300/4 حاب ، وهازم الأحزاب ، اهزمهم وانصرنا عليهم رواه مسلم 1363/3   دعاء صلاة الاستخارة    .. قال جابر بن عبدالله رضي الله عنهما : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يُعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمُنا السورة من القرآن ، يقول : إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ، ثم ليقل : اللهم إني أستخيرك بعلمك ، و أ ستقدرك بقدرتك ، وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدِرُ ولا أقدِرُ ، وتعلم ولا أعلم ، وأنت علام الغيوب ، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر -يسمي حاجته - خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال : عاجلة و اجله - فاقدره لي ويسره لي ، ثم بارك لي فيه ، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال : عاجله و أجله - فاصرفه عني واصرفني عنه ، واقدر لي الخير حيث كان ، ثم أرضني به رواه البخاري146/8   كفارة المجلس    .. من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه ؟ فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك : " سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك . إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك . صحيح. صحيح الترمذي 153/3   دعاء القنوت    .. اللهم أهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت ، وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شر ما قضيت ، فإنك تقضي و لا يقضى عليك ، إنه لا يذل من واليت ، تباركت ربنا وتعاليت صحيح. صحيح ابن ماجه 194/1 اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك ، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك " صحيح. صحيح ابن ماجه 194/1 اللهم إياك نعبد ، و لك نُصلي ونسجد ، وإليك نسعى ونحقدُ ، نرجُو رحمتك ، ونخشى عذابك ، إن عذابك بالكافرين ملحق ، اللهم إنا نستعينك ، ونستغفرك ، ونثني عليك الخير ، ولا نكفرك ، ونؤمن بك ونخضع لك ، ونخلع من يكفرك . وهذا موقف على عمر رضي الله عنه . إسناد صحيح . الأوراد171/2-428   مايقال للمتزوج بعد عقد النكاح    .. بارك الله لك ، وبارك عليك ، وجمع بينكما في خير صحيح. صحيح سنن أبي داود 400/2 اللهم بارك فيهما وبارك لهما في أبنائهما رواه الطبراني في الكبير وحسنه الألباني. آداب الزفاف ص77) على الخير والبركة وعلى خير طائر رواه البخاري 36/7 ( طائر : أي على أفضل حظ ونصيب ، وطائر الإنسان : نصيبه) ما يقول ويفعل المتزوج إذا دخلت على زوجته ليله الزفاف يأخذ بناصيتها ويقول : اللهم إني أسألك من خيرها وخير ما جلبت عليه وأعوذ بك من شرها وشر ما جُلبت عليه حسن . صحيح ابن ماجه 324/1   الدعاء قبل الجماع    .. لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال : بسم الله ، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ، فإنه يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره شيطان أبداً متفق عليه   الدعاء للمولود عند تحنيكه    .. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يؤتي بالصبيان فيدعو لهم بالبركة ويحنكهم صحيح . صحيح سنن أبي داود 961/3) (التحنيك : أن تمضغ التمر حتى يلين ، ثم تدلكه بحنك الصبي)   ما يعوذ به الأولاد    .. أعوذ بكلمات الله التامة ، من كل شيطان وهامه ، وكل عينِ لامه رواه البخاري الفتح 408/6   من أحس وجعاً في جسده    .. ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل : بسم الله ، ثلاثاً ، وقل سبع مرات : أعوذ بالله وقُدرته من شر ما أجد وأحاذر رواه مسلم1728/4   مايقال عند زيارة المريض ومايقرأ عليه لرقيته    .. لابأس طهور إن شاء الله رواه البخاري 118/4 اللهم اشف عبدك ينكأ لك عدواً ، أو يمشي لك إلى جنازة صحيح . صحيح سنن أبي داود 600/2 مامن عبد مسلم يعود مريضاً لم يحضر أجله فيقول سبعة مرات : أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك إلا عوفي صحيح . صحيح الترمذي 210/2 بسم الله أرقيك من كل شئ يؤذيك ، من شر كل نفس ، وعين حاسدة بسم الله أرقيك ، والله يشفيك صحيح . صحيح الترمذي 287/1 أذهب الباس ، رب الناس ، إشف وأنت الشافي لاشفاء إلا شفاء لايُغادر سقماُ رواه البخاري الفتح 131/10   تذكرة في فضل عيادة المريض    .. قال صلى الله عليه وسلم : إن المسلم إذا عاد أخاه لم يزل في خرفة الجنة صحيح. صحيح الترمذي 285/1 قيل ما خُرفة الجنة ؟ قال : جناها . وقال صلى الله عليه وسلم :" مامن مُسلم يعود مُسلماً غُدوة ، إلا صل عليه سبعون ألف ملكِ حتى يُمسي ، وإن عاده عشيةَ إلا صلى عليه سبعون ألف ملكِ حتى يُصبح وكان له خريف في الجنة صحيح . صحيح الترمذي 286/1   مايقول من يئس من حياته    .. اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق متفق عليه اللهم الرفيق الأعلى رواه مسلم1894/4   كراهية تمني الموت لضر نزل بالإنسان    .. لايدعون أحدكم بالموت لضر نزل به ولكن ليقل : اللهم أحيني ماكنت الحياة خيراً لي ، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي متفق عليه   من رأى مببتلى    .. من رأى مُبتلى فقال : الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به ، وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلاً لم يُصبه ذلك البلاًء صحيح. صحيح الترمذي 153/3   تلقين المحتضر    .. قال صلى الله عليه وسلم : لقنوا موتاكم قول : لاإله إلا الله رواه مسلم 631/2 من كان آخر كلامه لاإله إلا الله دخل الجنة صحيح . صحيح سنن أبي داود 602/2   الدعاء عند إغماض الميت    .. اللهم اغفر ( لفلان) ورفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين واغفر لنا وله يارب العالمين وافسح له في قبره ونور له فيه رواه مسلم 634/2   مايقول من مات له ميت    .. مامن عبد تصيبه مصيبة فيقول :" إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مُصيبتي واخلف لي خيراً منها . إلا آجره الله تعالى في مصيبته وأخلف له خيراً منها رواه مسلم 632/2   الدعاء للميت في الصلاة عليه    .. اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نُزُله . ووسع مُدخلهُ . واغسله بالماء والثلج والبرد ، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ، وأبدله داراً خيراً من داره ، وأهلاً خيراً من أهله وزوجاً خيراً من زوجه وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر ( ومن عذاب النار ) رواه مسلم 663/2 اللهم اغفر لحينا وميتنا ، وشاهدنا وغائبنا ، وصغيرنا وكبيرنا ، وذكرنا وأُنثانا ، اللهم من أحييته منا فأحييه على الإسلام ، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان ، اللهم لاتحرمنا أجره ولاتضلنا بعده صحيح. صحيح ابن ماجه 251/1 اللهم إن فلان بن فلان في ذمتك ، وحبل جوارك فقه من فتنة القبر وعذاب النار ، أنت الغفور الرحيم صحيح . صحيح ابن ماجه 25/1 اللهم عبدك وابن عبدك وابن امتك إحتاج إلى رحمتك ، وأنت غني عن عذابه ، إن كان مُحسناً فزده في حسناته ، وإن كان مُسئاً فتجاوز عنه واه الحاكم ووافقه الذهبي . انظر أحكام الجنائز للألباني ص159   وإن كان الميت صبياً    .. اللهم أعذه من عذاب القبر حسن . أحكام الجنائز للألباني ص161. اللهم اجعله فرطاً وسلفاً ، وأجراً موقوف على الحسن - البخاري تعليقاً   عند ادخال الميت القبر    .. بسم الله وبالله ، وعلى ملة رسول الله ( أو على سُنة رسول الله ) صحيح. صحيح الترمذي 306/1   مايقال بعد الدفن    .. كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال :" استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت فإنه الآن يُسأل صحيح . صحيح سنن أبي داود 620/2   دعاء زيارة القبور    .. السلام عليكم أهل الديار ، من المؤمنين والمسلمين ويرحم الله المُستقدمين منا والمستأخرين وإنا ، أن شاء الله بكم للاحقون رواه مسلم 671/2   دعاء التعزية    .. إن لله ماأخذ وله ماأعطى . وكل شئ عنده بأجل مُسمى ...فلتصبر ولتحتسب متفق عليه

النفاق من أخطر صور الإفساد في الأرض



الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فالنفاق من أخطر صور الإفساد في الأرض، وأشدها خطرًا على المجتمعات الإسلامية، ذلك أن المنافق يُظهر الإيمان باللسان، ويكتم الكفر بالقلب.
والنفاق في اللغة: هو من جنس الخداع والمكر، وإظهار الخير وإبطان خلافه (جامع العلوم والحكم).
أقسام النفاق:
وينقسم النفاق من حيث الشرع إلى قسمين:
الأول: النفاق الأكبر: وهو أن يُظهر الإنسان الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، ويبطن ما ينافق ذلك كله أو بعضه.
وهذا النوع من النفاق هو الذي كان على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وزعيمه عبد الله بن أبي ابن سلول -عليه لعائن الله المتتابعة إلى يوم الدين-، وقد نزل القرآن بتكفيره وجماعته، وأخبر أنهم في الدرك الأسفل من النار وفضحهم، وجلَّى وبيَّن صفاتهم أعظم بيان؛ ليكون المجتمع المسلم على حذر منهم.
الثاني: النفاق الأصغر أو النفاق العملي: وهو أن يُظهر الإنسان علانية من خلال عمله، ويبطن ما يخالف ذلك؛ ولذلك يُدخِل العلماء الرياء ضمن النفاق العملي، وهذا النوع من أكبر الكبائر، قال -صلى الله عليه وسلم-: (آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلاثٌ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ) (متفق عليه).
والنفاق من أمراض القلوب؛ حيث إن القلوب يعتريها نوعان من أنواع الأمراض: أمراض الشبهات، وأمراض الشهوات، والنوع الأول هو الأخطر ومنه النفاق؛ ولذلك فهو يزيد وينقص، مثل الإيمان، قال -عز وجل-: (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا) (البقرة:10).
وكلما اشتد النفاق وتمكن من قلب العبد كلما اشتد انعكاس ذلك على سلوكياته التي تفضح ما في باطنه من مرض.
العلاقة بين النفاق والإفساد في الأرض:
وهذا هو المقصود إبرازه وإظهاره في حديثنا، وليس المقصود هو حصر صفات المنافقين.
والفساد إما أن يكون حسيًا: كالقتل والتخريب والتدمير، وإما أن يكون معنويًا وهو أشد، ومن أعظمه: النفاق الذي يموت صاحبه ويظل أثر نفاقه ومعتقداته الباطلة أعوامًا طويلة، وربما لا يزول.
فكم من مفسد مخرِّب مدمر سفاك للدماء، قد ذهب وذهبت آثاره؛ فهذا أبو جهل، وأبو لهب، وأمية بن خلف، وفرعون، وأمثالهم كثيرون.. ذهبوا وذهبت آثارهم.
وأما رموز النفاق والضلال والشبهات فهم يذهبون ويبقى نفاقهم وضلالهم ومعتقداتهم إلى فترات طويلة، وربما لا تزول بالكلية؛ ولذلك تحدث الله عن الكافرين في آيتين، وعن المنافقين في ثلاث عشرة آية، وذلك في سورة البقرة؛ ليحذر المجتمع منهم.
المنافقون هم المفسدون في الأرض:
قال -عز وجل-: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ . أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ ) (البقرة:11-12).
فقد بيَّن الله -عز وجل- أنهم ذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض ادعوا أنهم مصلحون؛ فحصر الله الفساد فيهم بأسلوب حصر وتأكيد (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ)، فجمعوا بين العمل بالفساد في الأرض وهو العمل بالكفر والمعاصي، ومنه: إظهار سرائر المؤمنين لعدوهم، وموالاتهم للكافرين، وإظهار أنه ليس بفساد، وهذا قلب للحقائق، وجمع بين فعل الباطل واعتقاده حقًا.
المنافقون أشد فسادًا من الكافرين:
فالمنافق مساوٍ للكافر في كفره، ولكنه يزيد على الكافر في الخداع والمكر والتضليل، فالمنافق محسوب على المسلمين وهو يعيش بينهم، ويغشى مجالسهم، وقد لا ينتبه إليه أحد، ومِن ثمَّ فإن ضرره على المسلمين وعلى مجتمعاتهم أشد وأخطر؛ حيث يكون الحذر منه قليلاً بخلاف الكافر.
المنافقون يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف:
قال -عز وجل-: (الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (التوبة:67).
أي فساد أعظم من هذا؟ أي فساد أعظم من أن يكون الإنسان آمرًا بالمنكر ناهيًا عن المعروف؟!
إن هذا عكس للغاية التي خلق الله الإنسان من أجلها، وهو تعمير الأرض بطاعة الله -عز وجل-، والإيمان به، وهذا هو الإصلاح في الأرض، وعكس ذلك يكون الإفساد في الأرض وتخريبها.
المنافقون متعاونون على الإفساد في الأرض:
وهذه طبيعتهم، العمل كجماعة يصدون عن سبيل الله ويتعاونون معًا في سبيل تحقيق ذلك؛ ولهذا خاطبهم الله في كتابه الكريم كجماعة، فقال -عز وجل-: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ).
لما انصرفوا في غزوة بدر بقصد إضعاف جيش المسلمين انصرفوا جماعة، وتراهم في العصور الحديثة متعاونين على الصد عن سبيل الله، وعلى محاربة أوليائه، موزعين للأدوار التي تكشف عن التنسيق الجماعي فيما بينهم، ولذلك بيَّن الله -عز وجل- أنهم: (بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ).
السخرية من أهل الحق ومن شعائر الإسلام:
فالمنافقون كارهون للإسلام، مغتاظون من الحق وأهله، ساخرون من شعائر الإسلام، ومن لباس المسلمين، أهل السنة والجماعة.
وإن من عوامل هدم المجتمع المسلم وتقويض أركانه وإشاعة الفساد فيه أن يسخر أفراده من بعضهم البعض؛ لا سيما إن كان الساخرون من أهل الإفساد في الأرض الذين انتكست فطرتهم، وانقلبت عندهم الموازين؛ فأصبحوا يرون الباطل حقًا والحق باطلاً، أصبحوا ينظرون إلى الانحلال والتعري وسوء الخلق على أنه مظهر من مظاهر التحضر والتمدن، وأن العفة والاحتشام وحسن الخلق مظهر من مظاهر التخلف والرجعية والعودة إلى الوراء.
إنها موازين مقلوبة.. يُقاس فيها التحضر بمدى اغتراف الرجل والمرأة من نتن وأوحال وأرجاس المجتمعات الكافرة، ويقاس فيها التخلف بمدى التحشم وحسن الخلق وستر العورة!
إنها موازين مقلوبة.. حيث يصف المنافقون عهود النور بالظلام.. !
العهود التي ساد فيها الإسلام، وانتشر في أرجاء الأرض، وساد فيها تحكيم شريعة الله، وعلت قيم الإسلام؛ يصفونها بأنها عهود الظلام، ويصفون العهود التي روجوا فيها لآرائهم الباطلة وعقائدهم الفاسدة، وسلوكياتهم المنحلة بأنها عهود النور! يا للعجب لو كان مقصودهم بالنور الكهرباء فإننا نصدقهم.
ولقد أدت هذه الموازين المقلوبة عندهم، والفطر المنكسة أن تنكَّر لهم كل مخلوق سلمت فطرته، وما أعجب ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن جابر -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ فَلَمَّا كَانَ قُرْبَ الْمَدِينَةِ هَاجَتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ تَكَادُ أَنْ تَدْفِنَ الرَّاكِبَ فَزَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (بُعِثَتْ هَذِهِ الرِّيحُ لِمَوْتِ مُنَافِقٍ)، فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَإِذَا مُنَافِقٌ عَظِيمٌ مِنْ الْمُنَافِقِينَ قَدْ مَاتَ.
المنافقون والدياثة وتبلد المشاعر:
فالمنافقون انقلبت -كما بينا- الموازين عندهم، ومِن ثمَّ فهم لا ينظرون إلى كثير من المعاصي على أنها معاصي، بل وهم يستغربون ويتعجبون من أهل الحق الذين منَّ الله عليهم باعتدال الفطر، وحسن الحكم على الأشياء، فالحق عندهم حق، والباطل عندهم باطل، الحلال عندهم بيِّن والحرام عندهم بين.
ومن الأمثلة على ذلك: حبهم لاختلاط الرجال بالنساء، وإصرارهم على الدعوة لذلك، وتربية أبنائهم وبناتهم على حب الاختلاط، وتشجيعهم لبناتهم على مصاحبة الرجال والتعرف على الشباب، وتنمية علاقات الحب بينهم كطريق وحيد لابد له من أجل الزواج، وغير ذلك من ألوان الانحلال التي تدل على تبلد الحس وعدم الشعور بأثر المعاصي والفواحش على المجتمع؛ وبالتالي فالمنافق لا يحارب تلك الفواحش، بل هو يدعو لها ويسخر من محاربتها.
وصدق الله -عز وجل- إذ يقول: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)، فهذا حصر للفسق فيهم، وقال أيضًا: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ) (النور:19).
المنافقون يرمون المؤمنين بالسفه:
قال -عز وجل-: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لا يَعْلَمُونَ) (البقرة:13).
فالمنافقون كانوا يرون أن المؤمنين في هجرتهم من مكة إلى المدينة، وفي تركهم لديارهم وأموالهم وعشائرهم، وفي إيمانهم وتركهم لدين آبائهم أنهم سفهاء، فرد الله عليهم مدافعًا عن المؤمنين حاصرًا للفساد في المنافقين، فقال -عز من قائل-: (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لا يَعْلَمُونَ).
والسفيه هو: الذي لا يعرف مصلحة نفسه، ولا مصلحة ذويه، ومورد نفسه وذويه موارد الهلاك والدمار، وهذا بلا شك من أعظم الفساد في الأرض.
لا توجد نقطة التقاء بين المؤمن والمنافق:
كيف يمكن أن يلتقي المؤمن الذي يؤمن بالله ربًا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- نبيًا ورسولاً، ويعبِّد نفسه لله -عز وجل- وحده، ويدعو إلى ذلك، ويعلم أنه كلما ذل نفسه لله وحده، كلما كان في أشرف أحواله مع ربه -عز وجل-، كيف يمكن أن يلتقي مع شخص يدعو إلى الحرية في كل شيء.. في الدين، في الاعتقاد، في الكفر.. ؟!
إن المؤمن يرى أنه عبد، وليس حرًا، يرى أنه عبد لله يراه الله حيث أمره، ويفتقده حيث نهاه، الحرية عنده منضبطة بضوابط شرعية وعاها عن الله، وعن رسوله -صلى الله عليه وسلم-.
أنى له أن يلتقي مع من يرى الكفر حرية، ويرى الابتداع إبداعًا، والتحلل من قيم الإسلام وأخلاقه تحضرًا ومدنية؟!
إن الهوة سحيقة والبون شاسع.. ومن ثم كيف الالتقاء؟!
عقوبة المنافقين الذين يبطنون الكفر ويظهرون الإسلام:
قال -عز وجل-: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا ) (النساء:145).
هذه هي عقوبتهم، فهم أسوأ من الكافرين كما بينا؛ فاستحقوا الخلود في الدرك الأسفل من النار، ولكن الله بكرمه وعفوه، فتح لهم باب التوبة على مصراعيه فقال -عز من قائل-: (إِلا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا) (النساء:146).
واشترط الله -عز وجل- لتوبتهم أن يصلحوا ما أفسدوه، وأن يعتصموا بالله ويخلصوا دينهم لله، حينئذ يصيرون مع المؤمنين؛ وهي أمنية غالية عليهم أن يتشبثوا بها، أن يكونوا في معية المؤمنين (وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا)، بعد ما كانوا في عداء وكراهية مع المؤمنين ومع صفاتهم الحميدة.
وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين

0 التعليقات:

إظهار التعليقات
:))Blogger ;)) ;;) :DBlogger ;) :p :(( :) :(Smiley =(( =)) :-* :x b-(:-t8-}

Commentaires

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More