اذكـآر وأدعيـة   دعاء من أصابته مصيبة   .. ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول كما أمره الله إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها إلا أخلف الله له خيراً منها (رواه مسلم632/2)   دعاء الهم والحزن    .. ما أصاب عبداُ هم و لا حزن فقال : اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماضِ في حكمك ، عدل في قضاؤك أسالك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك ، أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ، ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي " . إلا أذهب الله حزنه وهمه وأبدله مكانه فرحاً رواه أحمد وصححها لألباني.لكلم الطيب ص74 اللهم إني أعوذ بك من الهم والخزن ، والعجز والكسل والبخل والجبن ، وضلع الدين وغلبة الرجال ". كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من هذا الدعاء   دعاء الغضب    .. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم رواة مسلم .2015/4   دعاء الكرب    .. لاإله إلا الله العظيم الحليم ، لاإله إلا الله رب العرش العظيم ، لاإله إلا الله رب السموات ورب العرش الكريم متفق عليه قال صلى الله عليه وسلم دعاء المكروب : اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين ِ وأصلح لي شأني كله لاإله إلا أنت الله ، الله ربي لاأشرك به شيئاً صحيح . صحيح سنن ابن ماجه(959/3) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" دعوة النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت :" لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين لم يدع بها رجل مسلم في شئ قط إلا استجاب الله له . صحيح .صحيح الترمذي 168/3   دعاء الفزع    .. لا إله إلا الله متفق عليه   ما يقول ويفعل من أذنب ذنباً    .. ما من عبد يذنب ذنباً فيتوضأ فيحسن الطهور ، ثم يقوم فيصلي ركعتين ، ثم يستغفر الله لذلك الذنب إلا غُفر له صحيح صحيح الجامع 173/5   من استصعب عليه أمر    .. اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً رواة ابن السني وصححه الحافظ . الأذكار للنووي ص 106   ما يقول ويفعل من أتاه أمر يسره أو يكرهه    .. كان رسول الله عليه وسلم إذا أتاه أمر ه قال :الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات و إذا أتاه أمر يكرهه قال : الحمد الله على كل حال صحيح صحيح الجامع 201/4 كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه أمر يسره أو يُسر به خر ساجداً شكراً لله تبارك وتعالى حسن . صحيح ابن ماجه 233/1)   مايقول عند التعجب والأمر السار    .. سبحان الله متفق عليه الله أكبر البخاري الفتح441/8   في الشيء يراه ويعجبه ويخاف عليه العين    .. إذا رأى أحدكم من نفسه أو ماله أو أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة ، فإن العين حق صحيح. صحيح الجامع 212/1.سنن أبي داود286/1 . اللهم اكفنيهم بما شئت رواه مسلم 2300/4 حاب ، وهازم الأحزاب ، اهزمهم وانصرنا عليهم رواه مسلم 1363/3   دعاء صلاة الاستخارة    .. قال جابر بن عبدالله رضي الله عنهما : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يُعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمُنا السورة من القرآن ، يقول : إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ، ثم ليقل : اللهم إني أستخيرك بعلمك ، و أ ستقدرك بقدرتك ، وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدِرُ ولا أقدِرُ ، وتعلم ولا أعلم ، وأنت علام الغيوب ، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر -يسمي حاجته - خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال : عاجلة و اجله - فاقدره لي ويسره لي ، ثم بارك لي فيه ، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال : عاجله و أجله - فاصرفه عني واصرفني عنه ، واقدر لي الخير حيث كان ، ثم أرضني به رواه البخاري146/8   كفارة المجلس    .. من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه ؟ فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك : " سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك . إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك . صحيح. صحيح الترمذي 153/3   دعاء القنوت    .. اللهم أهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت ، وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شر ما قضيت ، فإنك تقضي و لا يقضى عليك ، إنه لا يذل من واليت ، تباركت ربنا وتعاليت صحيح. صحيح ابن ماجه 194/1 اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك ، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك " صحيح. صحيح ابن ماجه 194/1 اللهم إياك نعبد ، و لك نُصلي ونسجد ، وإليك نسعى ونحقدُ ، نرجُو رحمتك ، ونخشى عذابك ، إن عذابك بالكافرين ملحق ، اللهم إنا نستعينك ، ونستغفرك ، ونثني عليك الخير ، ولا نكفرك ، ونؤمن بك ونخضع لك ، ونخلع من يكفرك . وهذا موقف على عمر رضي الله عنه . إسناد صحيح . الأوراد171/2-428   مايقال للمتزوج بعد عقد النكاح    .. بارك الله لك ، وبارك عليك ، وجمع بينكما في خير صحيح. صحيح سنن أبي داود 400/2 اللهم بارك فيهما وبارك لهما في أبنائهما رواه الطبراني في الكبير وحسنه الألباني. آداب الزفاف ص77) على الخير والبركة وعلى خير طائر رواه البخاري 36/7 ( طائر : أي على أفضل حظ ونصيب ، وطائر الإنسان : نصيبه) ما يقول ويفعل المتزوج إذا دخلت على زوجته ليله الزفاف يأخذ بناصيتها ويقول : اللهم إني أسألك من خيرها وخير ما جلبت عليه وأعوذ بك من شرها وشر ما جُلبت عليه حسن . صحيح ابن ماجه 324/1   الدعاء قبل الجماع    .. لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال : بسم الله ، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ، فإنه يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره شيطان أبداً متفق عليه   الدعاء للمولود عند تحنيكه    .. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يؤتي بالصبيان فيدعو لهم بالبركة ويحنكهم صحيح . صحيح سنن أبي داود 961/3) (التحنيك : أن تمضغ التمر حتى يلين ، ثم تدلكه بحنك الصبي)   ما يعوذ به الأولاد    .. أعوذ بكلمات الله التامة ، من كل شيطان وهامه ، وكل عينِ لامه رواه البخاري الفتح 408/6   من أحس وجعاً في جسده    .. ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل : بسم الله ، ثلاثاً ، وقل سبع مرات : أعوذ بالله وقُدرته من شر ما أجد وأحاذر رواه مسلم1728/4   مايقال عند زيارة المريض ومايقرأ عليه لرقيته    .. لابأس طهور إن شاء الله رواه البخاري 118/4 اللهم اشف عبدك ينكأ لك عدواً ، أو يمشي لك إلى جنازة صحيح . صحيح سنن أبي داود 600/2 مامن عبد مسلم يعود مريضاً لم يحضر أجله فيقول سبعة مرات : أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك إلا عوفي صحيح . صحيح الترمذي 210/2 بسم الله أرقيك من كل شئ يؤذيك ، من شر كل نفس ، وعين حاسدة بسم الله أرقيك ، والله يشفيك صحيح . صحيح الترمذي 287/1 أذهب الباس ، رب الناس ، إشف وأنت الشافي لاشفاء إلا شفاء لايُغادر سقماُ رواه البخاري الفتح 131/10   تذكرة في فضل عيادة المريض    .. قال صلى الله عليه وسلم : إن المسلم إذا عاد أخاه لم يزل في خرفة الجنة صحيح. صحيح الترمذي 285/1 قيل ما خُرفة الجنة ؟ قال : جناها . وقال صلى الله عليه وسلم :" مامن مُسلم يعود مُسلماً غُدوة ، إلا صل عليه سبعون ألف ملكِ حتى يُمسي ، وإن عاده عشيةَ إلا صلى عليه سبعون ألف ملكِ حتى يُصبح وكان له خريف في الجنة صحيح . صحيح الترمذي 286/1   مايقول من يئس من حياته    .. اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق متفق عليه اللهم الرفيق الأعلى رواه مسلم1894/4   كراهية تمني الموت لضر نزل بالإنسان    .. لايدعون أحدكم بالموت لضر نزل به ولكن ليقل : اللهم أحيني ماكنت الحياة خيراً لي ، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي متفق عليه   من رأى مببتلى    .. من رأى مُبتلى فقال : الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به ، وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلاً لم يُصبه ذلك البلاًء صحيح. صحيح الترمذي 153/3   تلقين المحتضر    .. قال صلى الله عليه وسلم : لقنوا موتاكم قول : لاإله إلا الله رواه مسلم 631/2 من كان آخر كلامه لاإله إلا الله دخل الجنة صحيح . صحيح سنن أبي داود 602/2   الدعاء عند إغماض الميت    .. اللهم اغفر ( لفلان) ورفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين واغفر لنا وله يارب العالمين وافسح له في قبره ونور له فيه رواه مسلم 634/2   مايقول من مات له ميت    .. مامن عبد تصيبه مصيبة فيقول :" إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مُصيبتي واخلف لي خيراً منها . إلا آجره الله تعالى في مصيبته وأخلف له خيراً منها رواه مسلم 632/2   الدعاء للميت في الصلاة عليه    .. اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نُزُله . ووسع مُدخلهُ . واغسله بالماء والثلج والبرد ، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ، وأبدله داراً خيراً من داره ، وأهلاً خيراً من أهله وزوجاً خيراً من زوجه وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر ( ومن عذاب النار ) رواه مسلم 663/2 اللهم اغفر لحينا وميتنا ، وشاهدنا وغائبنا ، وصغيرنا وكبيرنا ، وذكرنا وأُنثانا ، اللهم من أحييته منا فأحييه على الإسلام ، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان ، اللهم لاتحرمنا أجره ولاتضلنا بعده صحيح. صحيح ابن ماجه 251/1 اللهم إن فلان بن فلان في ذمتك ، وحبل جوارك فقه من فتنة القبر وعذاب النار ، أنت الغفور الرحيم صحيح . صحيح ابن ماجه 25/1 اللهم عبدك وابن عبدك وابن امتك إحتاج إلى رحمتك ، وأنت غني عن عذابه ، إن كان مُحسناً فزده في حسناته ، وإن كان مُسئاً فتجاوز عنه واه الحاكم ووافقه الذهبي . انظر أحكام الجنائز للألباني ص159   وإن كان الميت صبياً    .. اللهم أعذه من عذاب القبر حسن . أحكام الجنائز للألباني ص161. اللهم اجعله فرطاً وسلفاً ، وأجراً موقوف على الحسن - البخاري تعليقاً   عند ادخال الميت القبر    .. بسم الله وبالله ، وعلى ملة رسول الله ( أو على سُنة رسول الله ) صحيح. صحيح الترمذي 306/1   مايقال بعد الدفن    .. كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال :" استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت فإنه الآن يُسأل صحيح . صحيح سنن أبي داود 620/2   دعاء زيارة القبور    .. السلام عليكم أهل الديار ، من المؤمنين والمسلمين ويرحم الله المُستقدمين منا والمستأخرين وإنا ، أن شاء الله بكم للاحقون رواه مسلم 671/2   دعاء التعزية    .. إن لله ماأخذ وله ماأعطى . وكل شئ عنده بأجل مُسمى ...فلتصبر ولتحتسب متفق عليه

 

كيف تقر عينك بالصلاة ؟

- للإمام ابن قيّم الجوزية رحمه الله -

بسم الله الرحمــن الرحيم 

الصلاة قُرَّةُ عيون المحبين في هذه الدنيا ؛ لما فيها من مناجاة من لا تقر العيون ، ولا تطمئن القلوب ، ولا تسكن النفوس إلا إليه ، والتنعم بذكره ، والتذلل والخضوع له ، والقرب منه ، ولا سيما في حال السجود ، وتلك الحال أقرب ما يكون العبد من ربه فيها ، ومن هذا قول النبي – صلى الله عليه وسلم - : « قُمْ يا بلالُ ، فأرِحْنَا بالصلاة » ، فأعَلَم بذلك أن راحته في الصلاة كما أخبر أن قرة عينه فيها .
فأين هذا من قول القائل : نصلي ونستريح من الصلاة !..


فالمحب راحته وقرة عينه في الصلاة ، والغافل المعرض ليس له نصيب من ذلك ، بل الصلاة كبيرة شاقة عليه ، إذا قام فيها كأنه على الجمر حتى يتخلص منها ، وأحبُّ الصلاةِ إليه أعجلها وأسرعها ، فإنه ليس له قرة عين فيها ، ولا لقلبه راحة بها ، والعبد إذا قرَّت عينه بشيء واستراح قلبه به فأشق ما عليه مفارقته ، والمتكلِّف الفارغ القلب من الله والدار الآخرة المبتلى بمحبة الدنيا أشق ما عليه الصلاة ، وأكره ما إليه طولها ، مع تفرغه وصحته وعدم اشتغاله !..


ومما ينبغي أن يُعلَم : أنَّ الصلاة التي تَقرُّ بها العين ويستريح بها القلب هي التي تجمع ستة مشاهد :

المشهد الأول : الإخلاص

وهو أن يكون الحامل عليها والداعي إليها رغبة العبد في الله ، ومحبته له ، وطلب مرضاته ، والقرب منه ، والتودد إليه ، وامتثال أمره ، بحيث لا يكون الباعث له عليها حظاً من حظوظ الدنيا ألبَتَّةَ ، بل يأتي بها ابتغاء وجه ربه الأعلى ، محبةً له وخوفا من عذابه ، ورجاء لمغفرته وثوابه .

المشهد الثاني: مشهد الصِّدق والنصح :

وهو أن يفرِّغ قلبه لله فيها ، ويستفرغ جهده في إقباله فيها على الله ، وجمع قلبه عليها ، وإيقاعها على أحسن الوجوه وأكملها ظاهراً وباطناً ، فإنَّ الصلاة لها ظاهر وباطن :
فظاهرها : الأفعال المشاهدة والأقوال المسموعة ..
وباطنها : الخشوع والمراقبة وتفريغ القلب لله والإقبال بكليته على الله فيها ، بحيث لا يلتفت قلبه عنه إلى غيره ، فهذا بمنزلة الروح لها ، والأفعال بمنزلة البدن ، فإذا خلت من الروح كانت كبدن لا روح فيه، أفلا يستحي العبد أن يُواجِه سيدَه بمثل ذلك! ولهذا تُلَفُّ كما يُلَفُّ الثوب الخلق ويُضرب بها وجه صاحبها، وتقول: ضيعك الله كما ضيعتني.

والصلاة التي كمل ظاهرها وباطنها تصعد ولها نور وبرهان كنور الشمس حتى تُعرَض على الله فيرضاها ويقبلها، وتقول: حفظك الله كما حفظتني.

المشهد الثالث : مشهد المتابعة والاقتداء :

وهو أن يحرص كل الحرص على الاقتداء في صلاته بالنبي صلى الله عليه وسلم ويصلي كما كان يصلي؛ وَيُعْرِض عما أحدث الناس في الصلاة، من الزيادة والنقصان، والأوضاع التي لم يُنقَلْ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء منها ولا عن أحد من أصحابة؛ ولا يقف عند أقوال المرخِّصين الذين يقفون مع أقل ما يعتقدون وجوبه، ويكون غيرهم قد نازعهم في ذلك وأوجب ما أسقطوه، ولعل الأحاديث الثابتة والسنة النبوية من جانبه ولا يلتفتون إلى ذلك، ويقولون: (نحن مقلدون لمذهب فلان) وهذا لا يُخَلِّص عند الله ولا يكون عذرا لمن تخلف عما علمه من السنة عنده، فإن الله – سبحانه - إنما أمر بطاعة رسوله واتِّباعه وحدَهُ ولم يأمر باتِّباع غيره، وإنما يُطاعُ غيره إذا أمر بما أمر به الرسول، وكل أحد سوى الرسول صلى الله عليه وسلم فمأخوذ من قوله ومتروك.

وقد أقسم الله - سبحانه - بنفسه الكريمة أنا لا نؤمن حتى نُحَكِّم الرسول فيما شجر بيننا، وننقاد لحكمه ونُسَلِّمَ تسليماً. فلا ينفعنا تحكيم غيره والانقياد له، ولا ينجينا من عذاب الله، ولا يقبل منا هذا الجواب إذا سمعنا نداءه - سبحانه - يوم القيامة ﴿ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ ﴾ [القصص: 65] فإنه لا بد أن يسألنا عن ذلك، ويُطالبنا بالجواب، قال تعالى: ﴿ فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ ﴾ [الأعراف: 6]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: « أُوحي إليَّ أنكم بي تُفتنون وعني تُسألون » [صحيح الجامع: 1361]، يعني المسألة في القبر، فمن انتهت إليه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتركها لقول أحد من الناس فَسَيَرِدُ يوم القيامة ويعلم.


المشهد الرابع مشهد الإحسان :

وهو مشهد المراقبة، وهو أن يعبد الله كأنه يراه. وهذا المشهد إنما ينشأ من كمال الإيمان بالله وأسمائه وصفاته، حتى كأنه يرى الله - سبحانه - فوق سمواته، مستوياً على عرشه، يتكلم بأمره ونهيه، ويُدَبِّرُ أمر الخليقة، فينزل الأمر من عنده ويصعد إليه، وتُعْرَضُ أعمال العباد وأرواحهم عند الموافاة عليه. فيشهدُ ذلك كله بقلبه، ويشهد أسماءه وصفاته، ويشهد قيوماً حيّاً، سميعاً بصيراً، عزيزاً حكيما، آمراً ناهياً، يحب ويبغض، ويرضى ويغضب، ويفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد، وهو فوق عرشه، لا يخفى عليه شيء من أعمال العباد ولا أقوالهم ولا بواطنهم، بل يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.ومشهد الإحسان أصل أعمال القلوب كلها، فإنه يوجب الحياء، والإجلال، والتعظيم، والخشية، والمحبة، والإنابة، والتوكل، والخضوع لله – سبحانه - والذل له؛ ويقطع الوسواس وحديث النفس، ويجمع القلب والهم على الله.فحظ العبد من القُرب من الله على قدر حظِّه من مقام الإحسان، وبحسبه تتفاوت الصلاة حتى يكون بين صلاة الرجلين من الفضل كما بين السماء والأرض، وقيامهما وركوعهما وسجودهما واحد.

المشهد الخامس : مشهد الـمِنَّـة :

وهو أن يشهد أن المنَّة لله – سبحانه -، كونه أقامه في هذا المقام وأهله له ووفقه لقيام قلبه وبدنه في خدمته. فلولا الله - سبحانه - لم يكن شيء من ذلك، كما كان الصحابة يَحْدُونَ بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم فيقولون:( والله لولا الله ما اهتدينا *** ولا تصدقنا ولا صلينا )

قال الله تعالى: ﴿ يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [الحجرات: 17] فالله - سبحانه - هو الذي جعل المسلم مسلماً، والمصلي مصلياً، كما قال الخليل صلى الله عليه وسلم: ﴿ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ ﴾ [البقرة: 128]، وقال: ﴿ رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ﴾ [إبراهيم: 40].فالمنَّةُ لله وحده في أن جعل عبده قائماً بطاعته. وكان هذا من أعظم نِعَمِه عليه.

وقال تعالى: ﴿ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ﴾ [النحل: 53]، وقال: ﴿ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ ﴾ [الحجرات: 7].وهذا المشهد من أعظم المشاهد وأنفعها للعبد وكلما كان العبد أعظم توحيداً كان حظه من هذا المشهد أتم.

وفيه من الفوائد أنه يحول بين القلب وبين العُجبِ بالعمل ورؤيته، فإنه إذا شهد أن الله - سبحانه - هو المانُّ به، الموفق له، الهادي إليه، شَغَلَه شهود ذلك عن رؤيته، والإعجاب به، وأن يصول به على الناس، فَيُرفع من قلبه؛ فلا يعجب به، ومن لسانه؛ فلا يَمُنُّ به ولا يتكثر به، وهذا شأن العمل المرفوع.

ومن فوائده أنه يضيف الحمد إلى وليه ومستحقه، فلا يشهد لنفسه حمداً بل يشهده كله لله، كما يشهد النعمة كلها مِنْهُ، والفضل كله له، والخير كله في يديه، وهذا من تمام التوحيد، فلا يستقر قدمه في مقام التوحيد إلا بعلم ذلك وشُهُودِهِ، فإذا علمه ورسخ فيه صار له مشهداً، وإذا صار لقلبه مشهداً أثمر له من المحبة والأُنس بالله والشوق إلى لقائه والتنعم بذكره وطاعته ما لا نسبة بينه وبين أعلى نعيم الدنيا ألبتة.وما للمرء خير في حياته إذا كان قلبه عن هذا مصدوداً، وطريق الوصول إليه عنه مسدوداً، بل هو كما قال تعالى: ﴿ ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾ [الحجر: 3].
المشهد السادس : مشهد التقصير : 
وأنَّ العبد لو اجتهد في القيام بالأمر غاية الاجتهاد وبذل وسعه فهو مقصر، وحق الله - سبحانه - عليه أعظم، والذي ينبغي له أن يُقابَل به من الطاعة والعبودية والخدمة فوق ذلك بكثير، وأنَّ عظمته وجلاله - سبحانه - يقتضي من العبودية ما يليق بها.وإذا كان خدم الملوك وعبيدهم يعاملونهم في خدمتهم بالإجلال لهم، والتعظيم، والاحترام، والتوقير، والحياء، والمهابة، والخشية، والنصح، بحيث يُفرِّغُونَ قلوبهم وجوارحهم لهم، فمالك الملوك ورب السموات والأرض أولى أن يُعامَل بذلك، بل بأضعاف ذلك.

وإذا شهد العبد من نفسه أنه لم يُوَفِّ ربه في عبوديته حقه، ولا قريباً من حقه، علم تقصيره، ولم يسعه مع ذلك غير الاستغفار والاعتذار من تقصيره وتفريطه وعدم القيام بما ينبغي له من حقه، وأنه إلى أن يغفر له العبودية ويعفو عنه فيها أحوج منه إلى أن يطلب منه عليها ثوابا، وهو لو وفَّاها حقها كما ينبغي لكانت مُستَحَقَّةً عليه بمقتضى العبودية، فإنَّ عمل العبد وخدمته لسيده مُستَحقٌّ عليه بحكم كونه عبده ومملوكه، فلو طَلَبَ منه الأُجرَةَ على عمله وخدمته لعده الناس أحمَقَ وأخرَقَ، هذا وليس هو عبده ولا مملوكه على الحقيقة، وهو عبد الله، ومملوكه على الحقيقة من كل وجه.فعمله وخدمته مُستَحَقٌ عليه بحكم كونه عبده، فإذا أثابه عليه كان ذلك مجرد فضلٍ ومنَّة وإحسان إليه لا يستحقه العبد عليه.


ومن ههنا يُفهم معنى قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : « قَارِبُوا وَسَدِّدُوا َاعْلَمُوا أَنَّهُ لَنْ يَنْجُوَ أَحَدٌ مِنْكُمْ بِعَمَلِهِ » قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلاَ أَنْتَ. قَالَ: « وَلاَ أَنَا إِلاَّ أَنْ يَتَغَمَّدَنِىَ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ » [رواه مسلم: 7295].
وقال أنس بن مالك - رضي الله عنه - : « يُخَرَجُ للعبد يوم القيامة ثلاثة دواوين: ديوان فيه حسناته، وديوان فيه سيئاته، وديوان النعم التي أنعم الله عليه بها. فيقول الرب - تعالى – لنعمه: خذي حقك من حسنات عبدي. فيقوم أصغرها فتستنفذ حسناته

ثم تقول : وعِزَّتك ما استوفيت حقي بعد. فإذا أراد الله أن يرحم عبده وهبه نعمه عليه، وغفر له سيئاته، وضاعف له حسناته ». وهذا ثابتٌ عن أنس. وهو أدلُّ شيء على كمال علم الصحابة بربهم وحقوقه عليهم، كما أنهم أعلم الأمة بنبيهم وسنته ودينه، فإنَّ في هذا الأثر من العلم والمعرفة ما لا يدركه إلا أولو البصائر العارفون بالله وأسمائه وصفاته وحقه. ومن هنا يُفهم قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي رواه أبو داود، والإمام أحمد، من حديث زيد بن ثابت وحذيفة وغيرهما: « إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَوْ عَذَّبَ أَهْلَ سَمَاوَاتِهِ وَأَهْلَ أَرْضِهِ عَذَّبَهُمْ غَيْرَ ظَالِمٍ لَهُمْ، وَلَوْ رَحِمَهُمْ كَانَتْ رَحْمَتُهُ خَيْرًا لَهُمْ مِنْ أَعْمَالِهِمْ ». [ قال الألباني: صحيح ["الظلال": (245)]]ومِلاكُ هذا الشأن أربعة أمور :نية صحيحة، وقوةٌ غالبة، يقارنهما: رغبة، ورهبة.


فهذه الأربعة هي قواعد هذا الشأن. ومهما دخل على العبد من النقص في إيمانه وأحواله وظاهره وباطنه فهو من نقصان هذه الأربعة أو نقصان بعضها.فليتأمل اللبيب هذه الأربعة الأشياء، وليجعلْهَا سيره وسلوكه، ويبني عليها علومه وأعماله وأقواله وأحواله، فما نَتَجَ من نَتَجَ إلا منها، ولا تخلف من تخلف إلا من فقدها.

والله أعلم، والله المستعان، وعليه التكلان، وإليه الرغبة، وهو المسؤول بأن يوفقنا وسائر إخواننا من أهل السنة لتحقيقها علماً وعملاً، إنه ولي ذلك والمانُّ به، وهو حسبنا ونعم الوكيل.وقال في الوابل الصيب:والناس في الصلاة على مراتب خمسة :

أحدها : مرتبة الظالم لنفسه، المفرِّط، وهو الذي انتقص من وضوئها ومواقيتها وحدودها وأركانها.
الثاني : من يحافظ على مواقيتها وحدودها وأركانها الظاهرة ووضوئها، لكن قد ضيع مجاهدة نفسه في الوسوسة، فذهب مع الوساوس والأفكار.
الثالث : من حافظ على حدودها وأركانها، وجاهد نفسه في دفع الوساوس والأفكار، فهو مشغول بمجاهدة عدوه؛ لئلا يسرق منه صلاته، فهو في صلاة وجهاد.
الرابع : من إذا قام إلى الصلاة أكمل حقوقها وأركانها وحدودها، واستغرق قلبه مراعاة حدودها وحقوقها؛ لئلا يُضَيِّع منها شيئاً، بل همُّه كله مصروف إلى إقامتها كما ينبغي، وإكمالها وإتمامها، قد استغرق قلبَه شأنُ الصلاة وعبودية ربه تبارك وتعالى فيها.
الخامس : من إذا قام إلى الصلاة قام إليها كذلك، ولكنْ مع هذا قد أخذ قلبه ووضعه بين يدي ربه عز وجل، ناظراً بقبله إليه، مراقبا له، ممتلئا من محبته وعظمته، كأنه يراه ويشاهده، وقد اضمحلَّتْ تلك الوساوس والخطوات، وارتفعت حُجُبُها بينه وبين ربه، فهذا بينه وبين غيره في الصلاة أعظم مما بين السماء والأرض، وهذا في صلاته مشغول بربه عز و جل، قرير العين به.
فالقسم الأول معاقَبٌ، والثاني محاسَبٌ، والثالث مَكَفَّرٌ عنه، والرابع مثابٌ، والخامس مُقَرّبٌ من ربه؛ لأن له نصيباً ممن جُعِلَتْ قرة عينه في الصلاة، فمن قَرَّتْ عينه بصلاته في الدنيا قَرَّتْ عينه بقربه من ربه عز وجل في الآخرة، وقرت عينه - أيضا - به في الدنيا، ومن قرَّتْ عينه بالله قرَّتْ به كل عين، ومن لم تَقَرَّ عينه بالله تعالى تقطَّعَتْ نفسه على الدنيا حسرات.

0 التعليقات:

إظهار التعليقات
:))Blogger ;)) ;;) :DBlogger ;) :p :(( :) :(Smiley =(( =)) :-* :x b-(:-t8-}

Commentaires

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More