كانت البشرية تُعانى صنوف الجهل و التخلف و الإنحطاط الخلقى و الحضارى ، فكانت تنتشر عبادة الأصنام و قتل البنات و التعايش على الخمر و الميسر و الزنا و أنتشار الفواحش فى الجزيرة و عبادة النار و انتشار الطبقية و الكراهية فى فارس ، و الخلاف الطائفى و فساد السلطة ماليا و سياسيا و إداريا فى رومانية .. وكانت مكة تعيش فى حالة تشبه الإنعزال الحضارى ، و يتقاتل العرب لأتفه الأسباب ، فمَن الله على البشرية بميلاد خير مخلوق عرفته البشرية جمعاء ، صلى الله عليه وسلم .. فما كان أشرح صدره ، وأرفع ذكره ، وأعظم قدره ، وأنفذ أمره ، وأعلى شرفه ، وأربح صفقة مَنْ آمن به وعرفه ، فعلّمَ الأمة الصّدق و كانت فى صحراء الكذب هائمة ، و أرشدها إلى الحق و كانت فى ظلمات الباطل عائمة ، و قادها إلى النور و كانت فى دياجير الزور قائمة .. فعلَّم اللسان الذكر ، والقلب الشكر ، والجسد الصبر ، والنفس الطهر ، وعلَّم القادة الإنصاف ، والرعية العفاف ، وحبَّبَ للناس عيش الكفاف ، صبر على الفقر ؛ لأنه عاش فقيرًا ، وصبر على جموع الغنى ؛ لأنه ملك ملكًا كبيرًا ، بُعث بالرسالة ، وحكم بالعدالة ، وعلّم من الجهالة ، وهدى من الضلالة ، ارتقى في درجات الكمال حتى بلغ الوسيلة ، وصعد في سُلَّم الفضل حتى حاز كل فضيلة . هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصى بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب بن فهر بن عبد مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان بن إسماعيل بن إبراهيم عليه السلام . و هو خاتم رسل الله و أنبيائه ، وقد أرسله الله إلى الناس كافة ، برسالة عامة شاملة كاملة ، هدى و رحمة للعالمين .
ولد سيدنا محمد ﷺ يوم الأثنين 9 من شهر ربيع الأول عام الفيل بمكة المكرمة ، وذلك حوالى سنة 570م ، أى قبل الهجرة بنحو 53 سنة ، لأبوين من قريش و هما .. عبد الله بن عبد المطلب و آمنه بنت و هب . مات عبد الله بن عبد المطلب و هو والد الرسول أثناء خروجه فى تجارة له إلى الشام و دفن بيثرب " المدينة المنورة " ، و تكفل به جده عبد المطلب .. ثم مات جده ، فتكفل به عمه أبو طالب فرعاه و آواه و حفظه و لم يسلمه للأعداء . وتوفيت آمنه بنت و هب و هى و الدة الرسول و هو فى سن السادسة من عمره . تزوج بالسيدة خديجة عندما وصل عمر 25 سنة ، وأوحى الله له عندما و صل سن أربعين سنة ، وذلك حوالى سنة 610م وأمره الله بتبليغ ما أُنزل إليه بعد نحو ثلاث سنين من نبوته ، فقام يدعو إلى الله بالحكمة و الموعظة الحسنة ، ولبث يدعوا إلى الله فى مكة و ما حولها نحواً من عشر سنين بعد بعثته ، حتى أذن الله له بالهجرة إلى يثرب " المدينة المنورة "، فهاجر إليها و جعلها مركز دعوته و عاصمة دولته الدينية ، دولة الإسلام ، ولما أكمل الله للناس دينهم ، وأتم عليهم نعمته ، و أدى رسوله محمد صلوات الله عليه الأمانة ، و بلغ الرسالة ، و نصح الأمة ، وفتح الله عليه بالنصر المبين ، اصطفاه الله فقبض روحه . فتوفى الرسول محمد صلى الله عليه و سلم فى يوم الأثنين 12 من ربيع الأول لسنة 11 من الهجرة .